[المسألة الثالثة: تحقيق القول في وقوع الشرك من آدم عليه السلام.]
قال تعالى في شأن آدم وحواء:" فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) "(الأعراف ١٩٠)، جاء في سبب النزول عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كانت حواء تلد لآدم، فتعبدهم لله، تسميه (عبيدالله)، و (عبدالله) ونحو ذلك، فيصيبهم الموت، فأتاها إبليس وآدم، فقال: إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه لعاش، فولدت له رجلاً فسماه " عبدالحارث ". فهل هذا فيه معارضة لما تقرر من عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟!
أورد هذا الإشكال الإمام السمعاني ثم أجاب عنه بجوابين:
الأول: أن السياق كان في آدم وحواء، وعليه فيمكن الانفصال عن هذا الإشكال بأن يُقال: لم يكن هذا إشراكاً في التوحيد، وإنما ذلك إشراك في الاسم، وذلك لا يقدح في التوحيد، وهو مثل تسمية الرجل ولده، عبد يغوث، وعبد زيد، وعبد عمرو، وقول الرجل لصاحبه: أنا عبدك، ومثل هذا لايقدح، ثم أجاب عن الإشكال الآخر الذي يرد على آخر الآية حيث قال:" فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ "، وهما اثنان فكيف جمع، وانفصل السمعاني عن هذا الإشكال بجوابين:
١ ـ أن يكون هذا ابتداء الكلام بعد الأول، وأريد به: إشراك أهل مكة.
٢ ـ أو يُراد به الإشراك الذي سبق ـ في آدم وحواء ـ قال: استقام الكلام؛ لأنه كان الأولى ألا يفعل ما أتى به من الإشراك في الاسم، وكان ذلك زلة منه، فلذلك قال:" فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ".