للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا يقول الإمام ابن تيمية: " وأما أهل الملل، ومن علم ما أخبر الله به من صفات الملائكة، فيعلمون قطعاً، أن الملائكة ليست المجردات التي يُثبتها هؤلاء " (١)، ثم يقول: "وهذا مما يَعَلمه كل من له علم، بما جاء به الرسول، أنه من أعظم الأمور تكذيباً للرسول صلى الله عليه وسلم، ويعلم أن هؤلاء أبعد عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم من كفار اليهود والنصاري " (٢).

[المطلب الثاني: أسماء الملائكة]

الواجب الإيمان بالملائكة على وجه الإجمال، من علمنا منهم، ومن لم نعلم، وأما من علمنا أسماءهم، وأوصافهم، وأعمالهم، فوجب الإيمان بهم على وجه التفصيل، وهو جزء من الإيمان بالملائكة.

والملائكة لا يَعلم عددهم، ولا يُحصي عُدَدهم، إلا الله جل وعلا، قال سبحانه وتعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدَّثر:٣١]، " أي: له من الجنود، سوى هذا العدد، ما لا يعلم عددها إلا الله" (٣).

وقال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ} [النجم:٢٦]، روى كعب الأحبار أنه قال: ما من موضع شبر في السماء، إلا وفيه ملك قائم، أو ساجد، وقد رُوي مثل هذا في الأرض عن غيره، وكم في اللغة للتكثير " (٤).

والملائكة الذين ورد ذكر أسمائهم في القرآن الكريم كثير، وليس الغرض مجرد السرد المحض لأسمائهم، فهو مبثوث في كثير من الكتب والمصنفات، لكن المقصود بيان اهتمام السمعاني بهذا الركن، وأن تحقيقه مبني على المعرفة، وأن الإيمان بهم واجب حسبما ورد في النصوص، خلافا لمن يعدون جبريل عدوا، أو من يزعمون أن جبريل خان الرسالة فأنزلها على محمد صلى الله عليه وسلم ولم ينزلها على علي رضي الله عنه، ونحو ذلك من الأفكار المنحرفة عن الشرع، وأنه يجب الإيمان بمن سًمي، والوقوف عنده، وعدم البحث عما وراء ذلك.


(١) ((ابن تيمية: منهاج السنة: ٢/ ٥٣٣
(٢) ((ابن تيمية: منهاج السنة: ٢/ ٥٣٨
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٩٧
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٩٦

<<  <   >  >>