للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٥ - الحكيم]

فسَّر السمعاني هذا الاسم الكريم بمعنيين:

أ ـ الحاكم، وهو القاضي بالعدل.

ب ـ الحكيم، المحكم للأمر، كيلا يتطرق إليه الفساد، ومنه: أحكمت الدابة؛ لأنها تمنعها من الفساد. (١).

ومن الأول: قوله تعالى: " وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ " (هود ٤٥)، يعني: وأنت أحكم الحاكمين بالعدل. (٢)، وقوله تعالى: " فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (٨٧) " (الأعراف ٨٧)، أي: حتى يقضي الله، " وهو خير الحاكمين " أي: خير القاضين. (٣)، وقوله تعالى: " حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ " (يوسف ٨٠)، يعني: وهو خير الفاصلين. (٤)

وكما قال تعالى: " إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ " (النمل ٧٨)، " أي: يفصل بينهم بحكمه الحق ". (٥) وقوله تعالى: " إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " (السجدة ٢٥)، " أي: يحكم بينهم حكم الفصل " (٦).

وحكم الله تعالى كله حق وعدل، وقوله تعالى: " قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ " (الأنبياء ١١٢)، فهنا ذكر الحق وصفاً للحكم، لا أن حكمه ينقسم إلى الجور والحق (٧) ـ تعالى الله وتقدس ـ

ونقل عن بعضهم في الجواب عن هذه الآية الكريمة: " رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ"، أي: عجل الحكم بالحق، وقال أبو عبيد: رب احكم بحكمك الحق، والله يحكم بالحق، طلب أو لم يطلب، ومعنى: الطلب: هو ظهور الرغبة من الطالب في حكمه الحق، وقال بعضهم: "رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ" تعبد من الله، والله يحكم بالحق، سئل أو لم يسأل، أورده النحاس. (٨)

وهذا مثل قوله تعالى: " رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (٨٩) " (الأعراف ٨٩)،فهذا ليس على طريق طلب القضاء بالحق، وإنما هو على نعت قضائه بالحق، فإن صفة قضائه الحق. (٩)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٦٥
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤٣٣
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤١٠
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٥٦
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١١٢
(٦) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٥٣
(٧) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٨٧
(٨) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٤١٤
(٩) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٩٩

<<  <   >  >>