للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: إقرار المشركين بالربوبية]

كان شرك المشركين الأوائل في الألوهية، فلم يكونوا يشركون معبوداتهم مع الله في التخليق، والترزيق، والإحياء، والإماتة، وإنما كانوا يتخذونها شفعاء ووسطاء، كما أخبر القرآن الكريم عنهم.

وكانت طريقة القرآن الغالبة، الاحتجاج على المشركين بما أقروا به، على ما أنكروه. فهم كانوا يقرون بأن الله تعالى، هو الخالق الرازق، بقوله سبحانه وتعالى: " وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ " (الزخرف ٨٧)، ويقول جل وعلا: " قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١) " (يونس ٣١)

وكذلك كانوا يقرون بربوبية الله على خلقه، قال تعالى: " قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) " (المؤمنون ٨٦ ـ ٨٧)

إلا أن هذا الإقرار لم ينفعهم، ولم يغن عنهم شيئاً. فلم يستحقوا به اسم الإسلام.

وهنا مسألتان:

[المسألة الأولى: الاستدلال بتوحيد الربوبية على الألوهية]

وهذه من طرائق القرآن المعهودة في تقرير توحيد الألوهية، يقول الإمام ابن كثير (١): " وكثيرا ما يقرر تعالى مقام الإلهية، بالاعتراف بتوحيد الربوبية، وقد كان المشركون يعترفون بذلك، كما كانوا يقولونه في تلبيتهم ". (٢)


(١) ((ابن كثير: إسماعيل بن عمر القرشي (٧٠١ هـ- ٧٧٤ هـ)، حافظ، مؤرخ، فقيه، تناقل الناس تصانيفه في حياته، منها: البداية والنهاية، تفسير القرآن العظيم، طبقات الفقهاء الشافعية ـ الزركلي: الأعلام: ١/ ٣٢٠
(٢) ((ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: دار طيبة للنشر، ط ٢، ١٤٢٠ هـ، (٦/ ٢٩٤)

<<  <   >  >>