للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: مسائل في القرآن الكريم]

[المطلب الأول: وصف القرآن بأنه محكم ومتشابه]

وصف الله جل وعلا القرآن الكريم في موضع بأنه كله محكم، فقال سبحانه: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هود:١]، وفي موضع آخر بأنه كله متشابه، فقال سبحانه: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزُّمَر:٢٣]، ووصفه في موضع آخر، بأن منه محكم ومتشابه، فقال سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران:٧]. وفي هذا الموطن يُجيب السمعاني عن ما يرد إلى الذهن، من وقوع هذا الإشكال فيه. ولذا أورد هذا السؤال:" فإن قال قائل: كيف فرق هاهنا بين المحكمات والمتشابهات، وسمى كل القرآن متشابهاً، وسمى الكل محكماً؟ " وأجاب عنه بأن معنى المتشابه في قوله تعالى:" كِتَابًا مُتَشَابِهًا " محمول على أنه يشبه بعضه بعضاً في الحق، والصدق، وصحة المعنى. ويقال: متشابهاً: الآية بعد الآية، والسورة بعد السورة. وبكونه محكماً، كما في قوله تعالى: " أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ "، على معنى: أن الكل حق وجد، ليس فيه عبث ولا هزل (١)، وقيل: أُحكمت فليس فيها اختلاف ولا تناقض، وقيل: أحكمت فهي غير منسوخة، وقيل: أحكمت بالأمر والنهي، والحلال والحرام (٢).وقال السمعاني في وجه التسمية: وإنما سميت محكمات من الإحكام، كأنه أحكمها، فمنع الخلق من التصرف فيها؛ لظهورها ووضوح معناها (٣).

ثم أورد السمعاني خلاف المفسرين في معنى كون القرآن بعضه محكماً، وبعضه متشابهاً، فقيل:

١ ـ المحكمات: الثلاث آيات في آخر سورة الأنعام {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ ... } [الأنعام:١٥١]، والمتشابهات: حروف التهجي في أوائل السور، وهو مروي عن ابن عباس ...

٢ ـ المحكمات: الحلال والحرام، وما سواه كله من المتشابهات؛ لأنه يشبه بعضه بعضاً في الحق، والتصديق، يصدق بعضه بعضاً، وهو قول عكرمة ومجاهد.


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٢٩٥ - ٤/ ٤٦٦
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤١١
(٣) - السمعاني: مرجع سابق: ١/ ٢٩٤

<<  <   >  >>