للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[خامسا: ومن نواقض هذا التوحيد: اتباع الآباء على ماكانوا عليه]

وكان هذا من أسباب رد التوحيد الحق، قال تعالى:" وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْ‍ئًا وَلَايَهْتَدُونَ" (البقرة ٧٠)، إذن: كيف يتبعون آباءهم وآباؤهم لايعقلون شيئا ولا يهتدون؟ وفي هذا نهي عن تقليد الآباء في الدين (١).

وقال عن المشركين في قصة إبراهيم الخليل:" بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ" (الزخرف ٢٢)، يقول السمعاني:"" عَلَى أُمَّةٍ"أي: على ملة ودين، وقوله:" وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ"أي متبعون" (٢)، ثم قال تعالى:" وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ" (الزخرف ٢٣)، يقول السمعاني: وفي الآيتين دليل على ذم التقليد، والرجوع إلى قول الآباء من غير حجة" (٣)، وقال ابن الجوزي: "وفي هذه الآية إبطال القول بالتقليد" (٤)، ويقول الرازي:" لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآيات لكفت في إبطال القول بالتقليد، وذلك لأن الله تعالى بين أن هؤلاء الكفار لم يتمسكوا في إثبات ما ذهبوا إليه لا بطريق عقلي ولا بطريق نقلي، ثم بَيَّن أنهم إنما ذهبوا إليه بمجرد تقليد الآباء والأسلاف، وإنما ذكر تعالى هذه المعاني في معرض الذم والتهجين، وذلك يدل على أن القول بالتقليد باطل" (٥).


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٦٧.
(٢) السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ٩٧.
(٣) السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ٩٨.
(٤) ابن الجوزي: زاد المسير:٤/ ٧٥.
(٥) الرازي: مفاتيح الغيب:٢٧/ ٦٢٨.

<<  <   >  >>