للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاصة: إن هذه الإطلاقات في اللغة للفظ الرب: بمعنى: المالك، والسَّيد، والمربي، والمتصرف، كلها معانٍ صحيحة في حق الله جل وعلا، فهو المالك لكل شيء وهو ربه وإلهه، والمتصرف فيه بالسيادة التامة الكاملة الشاملة، وهو جل ثناؤه مصلح أحوال خلقه.

يقول الإمام الماوردي (١) في تفسيره، بعد أن ذكر خلاف العلماء في اشتقاق لفظ الرب إلى أربعة أقوال: (من المالك، ومن السيد، ومن المدبر، ومن التربية)

فقال:" إن صفة الله تعالى بأنه رب؛ لأنه مالك أو سيد، فذلك صفة من صفات ذاته، وإن قيل: إنه مدبر لخلقه ومربيهم، فذلك صفة من صفات فعله. ومتى أدخلت عليه الألف واللام، اختص الله تعالى به، دون عباده، وإن حذفتا منه، صار مشتركا بين الله وبين عباده (٢)

ولما ذكر الإمام الطبري الأوجه الثلاثة في اشتقاق الرب: (السيد المطاع-الرجل المصلح-والمالك للشيء) قال: " وقد يتصرف أيضاً معنى الرب في وجوه غير ذلك، غير أنها تعود إلى بعض هذه الوجوه الثلاثة " (٣).

[المسألة الثانية: تعريف الربوبية في الاصطلاح]

تواضع علماء السلف بجميع طبقاتهم، على ذكر ربوبية الله تعالى، وتفرده في أفعاله، مؤيدة بما ذكر في القرآن الكريم، وبما قُرِّرَ به المشركون، من تفرده جل وعلا بالملك والخلق والتدبير، وأنه سبحانه وتعالى بيده مقاليد الأمور كلها، من العطاء والمنع، والضرر والنفع، وأنه قهر خلقه بالفناء، ويسر لهم أسباب البقاء. كلهم تحت قبضته، وجميعهم في قدرته، فهو جل وعلا المتفرد"بالحول والقوة، والقدرة، والمشيئة، وأن العبد غير قادرمن ذلك كله إلا على مايقدره مولاه، وهذه نهاية توحيد الربوبية" (٤)


(١) ((الماوردي علي بن محمد حبيب (٣٦٤ هـ-ت ٤٥٠ هـ)، أقضى قضاة عصره، من العلماء الباحثين، أصحاب التصانيف النافعة الكثيرة، من مؤلفاته: الحاوي في الفقه الشافعي، الزركلي: الأعلام: ٤/ ٣٢٧
(٢) ((الماوردي: النكت والعيون، دار الكتب العلمية-بيروت (١/ ٥٤)
(٣) ((الطبري: جامع البيان:١/ ١٤٢.
(٤) ((ابن رجب: عبدالله بن أحمد: الجامع لتفسير ابن رجب، دار العاصمة: المملكة العربية السعودية: ط ١، ١٤٢٢ هـ، ترتيب: طارق عوض الله. (١/ ٦٥٤)

<<  <   >  >>