للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثانية: تفضيل العلم على صلاة النوفل]

حين تكلم السمعاني عن الفقه وفضله، حكى عن الإمام الشافعي تفضيل العلم على صلاة النافلة، فقال: وعن الشافعي أنه قال: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة (١)، وقد عقد الإمام ابن عبد البر بابا في تفضيل العلم على العبادة، وساق جملة من الأدلة على ذلك (٢)، ونُقل عن الإمام أحمد: أن طلب العم أفضل الأعمال لمن صحت نيته، قيل: فأي شيء تصحيح النية؟ قال: ينوي يتواضع فيه، وينفي عنه الجهل، ونقل ابن منصور أن تذاكر بعض ليلة أحب إلى أحمد من إحيائها (٣)، وقد ذكر الإمام ابن تيمية أن الاشتغال بطلب العلم النافع بعد أداء الفرائض يُعد من ذكر الله تعالى (٤).

[المسألة الثالثة: المفاضلة بين إظهار الصدقات وإخفائها]

أشار السمعاني إلى المفاضلة بين الصدقات من جهة إظهارها وإخفائها، فذكر نوعي الصدقات الواجبة والمستحبة، ثم قال: صدقة التطوع الإخفاء فيها أفضل، واستدل بقوله تعالى: (إن تبدو الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم)، على القول بأنها نزلت في صدقة التطوع، واستدل بما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صدقة السر تفضل صدقة العلانية بسبعين ضعفا، والصحيح أن هذا مرو عن ابن عباس.

وأما الزكاة الواجبة، فالأفضل فيها الإظهار، واحتج بما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم: صدقة العلانية تفضل صدقة السر بخمس وعشرين، والصحيح كذلك أنه مرو عن ابن عباس.

وذكر قولا ثانيا في المسألة: وهو أن الإخفاء كان هو الخير والأفضل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما في غيره من الأزمان، فالإظهار خير في الزكاة؛ لسوء الزمان، كيلا يساء الظن به (٥).

هذا مجمل ما ذكره السمعاني في هذه المسألة، ومما يحسن ذكره تتميما في هذا المقام:


(١) - السمعاني: مرجع سابق: ٢/ ٣٦٠
(٢) - انظر: ابن عبد البر: جامع بيان العلم وفضله: ١/ ٩٩
(٣) - البهوتي: كشاف القناع: ١/ ٤١١
(٤) - ابن تيمية: مرجع سابق: ١٠/ ٣٧١
(٥) - السمعاني: تفسر القرآن: ١/ ٢٧٥

<<  <   >  >>