للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإمام السمعاني في تقريره للإيمان، موافق لقول السلف، بأنه قول وعمل، وبأنه يزيد وينقص، قال ـ رحمه الله ـ: " قوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال:٢]، أي: يقيناً وتصديقاً، وذلك أنه كلما نزلت آية فآمنوا به، ازدادوا إيماناً وتصديقاً، وهذا دليل لأهل السنة، على أن الإيمان يزيد وينقص " (١)، قال تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ} [طه:٧٥]، يقول السمعاني: " أي: أدى الفرائض، قال الحسن: من أدَّى الفرائض، فقد استكمل الإيمان ومن لم يُؤد الفرائض، فلم يستكمل الإيمان ". (٢)

[المسألة الثالثة: هل الإيمان هو الإسلام، أم بينهما اختلاف؟]

أشار السمعاني إلى وجود خلاف بين السلف في هذه المسألة على قولين:

الأول: ليس بينهما فرق، فهما واحد، واستدل أصحاب هذا القول، بقوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)} [الذاريات:٣٥ - ٣٦]، قال السمعاني: " فيه دليل لمن قال: إن الإسلام والإيمان واحد " (٣). وذهب إلى هذا القول جماعات من أهل العلم، منهم: البخاري (٤)، ومحمد بن نصر (٥)، وابن حزم (٦)، وابن عبدالبر (٧).

والثاني: أن بينهما فرقاً: فقيل: الإسلام هو الكلمة، والإيمان العمل، وهذا مروي عن الزهري.


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٤٨
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٤٤
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٥٨
(٤) ابن حجر: فتح الباري: ١/ ٦٠ - ١٤٠
(٥) محمد بن نصر: تعظيم قدر الصلاة: ١/ ٤٠٢
(٦) ابن حزم: المحلى: ١/ ٣٨
(٧) ابن عبدالبر: التمهيد: ٩/ ٢٤٩

<<  <   >  >>