للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع أن السمعاني قرر في أكثر من موضع، شرط الاستطاعة التي تكون قبل الفعل، وعليها مدار التكليف، كما في قوله تعالى عن وجوب الحج: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) آل عمران ٩٧، قال بعد أن حكى كلام العلماء في معنى الاستطاعة: والأصح أن الاستطاعة: هي القدرة على ما يوصله إلى الحج، فمنها: الزاد والراحلة، ومنها: أمن الطريق، ونفقة الأهل، ونحو ذلك (١)، وقد جعل وجود هذه الاستطاعة شرطا في الوجوب على المكلف (٢)، أضف إلى أنه جعل الاستطاعة وصفا للعبد، خلافا للأشاعرة الذين لا يجعلون الاستطاعة مع الفعل وصفا للعبد، وإنما هي كسب لا حقيقة له عند التحقيق، فقال: وأما الاستطاعة تكون للعبد (٣).

[المطلب الخامس: معنى الختم والطبع]

جاء في الآيات الكريمات ذكر الختم والطبع، قال تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة:٧]، وقوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء:١٥٥]، وغيرها من الآيات. وقد فسَّر السمعاني لفظ الختم بالطبع، والطبع بالختم، ففسَّر كل واحد منهما بالآخر (٤)، ثم قال: "وحقيقة الختم: الاستيثاق من الشيء؛ كيلا يدخله ما هو خارج منه، ولا يخرج عنه ما هو داخل فيه، ومنه الختم على الباب" (٥). قال: "ويُقال الطبائع نكت سوداء تقع على القلب، يعرف بها المَلَك المنافق من المؤمن". (٦)


(١) - السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٤٣
(٢) - السمعاني: قواطع الأدلة: ٢/ ٣٥٩
(٣) - السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٧٩
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٦ - ٤٩٨
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٦
(٦) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣٣٦

<<  <   >  >>