للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٧ ـ الكلام]

فقد أثبت السمعاني صفة الكلام لله جل وعلا، على مقتضى ما ورد في النصوص،

وما جاء في ظواهرها، على الحقيقة، وأنه سبحانه وتعالى يتكلم بحرف وصوت، فقد كلم موسى وناجاه، قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:١٦٤]، يقول السمعاني: " إنما كلمه بنفسه من غير واسطة، ولا وحي، وفيه دليل على من قال: إن الله خلق كلاماً في الشجرة، فسمعه موسى، وذلك لأنه قال: " وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا "، قال الفراء، وثعلب: إن العرب تُسمي ما توصل إلى الإنسان كلاماً، بأي طريق وصل إليه، ولكن لا تحققه بالمصدر، فإذا حُقق بالمصدر، لم تكن إلا حقيقة الكلام ... فلما حقق الله كلامه موسى بالتكلم، عرف أنه حقيقة الكلام من غير واسطة.

فإن قال قائل: بأي شيء عرف موسى أنه كلام الله؟ قيل: بتعريف الله تعالى إياه، وإنزال آية عرف موسى بتلك الآية، أنه كلام الله تعالى. وهذا مذهب أهل السنة:

أنه سمع كلام الله حقيقة، بلا كيف، وقال وائل بن داود، معنى وقوله: " وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا أي: مراراً، كلام بعد كلام " (١).

وقال تعالى عن موسى عليه السلام: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم:٥٢]، يقول السمعاني: " وقوله: " وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ويُقال: أي كلمناه، والتقريب هاهنا هو التكلم، وأما النجي فهي المناجي، وكأن معناه على هذا القول: أن الله يُكلمه، وهو يُكلم الله " (٢).

ومن الأدلة التي استدل بها السمعاني على أن الله تعالى متكلم، قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا} [الأعراف:١٤٨]، يقول: " وهذا دليل على أن الله مُتكلم لم يزل ولايزال؛ لأنه استدل بعدم الكلام من العجل، على نفي الإلهية " (٣).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٥٠٣، وقال السمعاني في مقام آخر: " فإن قيل: بم عرف كلام الله عز وجل؟ قلنا: سمع كلاماً، لا يشبه كلام المخلوقين، ورُوي أنه سمع من جميع جوانبه " تفسير القرآن: ٣/ ٣٢٣
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٢٩٨
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢١٦

<<  <   >  >>