للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أنه باطل من جهة اللغة العربية، وذلك أن العرب لا تعرف الاستواء بمعنى الاستيلاء، " حُكي عن أحمد بن أبي دؤاد ـ وكان من رؤوس المعتزلة ـ أنه قال لابن الأعرابي: أتعرف العرب الاستواء، بمعنى الاستيلاء؟ فقال: لا، ويُحكى أن هذه المسألة، جرت في مجلس المأمون، فقال بشر المريسي: الاستواء بمعنى الاستيلاء، فقال له أبو السمراء ـ وهو رجل من أهل اللغة ـ: أخطأت يا شيخ، فإن العرب لا تعرف الاستيلاء، إلا بعد عجز سابق " (١).

وما نُقل عن بعض أهل اللغة، من تسمية الاستواء استيلاء، فهذا على بُعد، كما قال السمعاني، " وذكر الزجاج، والنحاس، وجماعة من النُحاة من أهل السنة: أنه لا يُسمى الاستواء استيلاء في اللغة، إلا إذا غلب غيره عليه، وهذا لا يجوز على الله تعالى " (٢)، بل المشهور عن العرب، أن الاستواء يكون بمعنى الارتفاع والاستقرار، " قال تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون:٢٨]، أي: استقررت وجلست، وقد يكون الاستواء بمعنى الارتفاع، قال الخليل: دخلنا على أبي ربيعة الأعرابي، فقال لنا: استووا، أي: ارتفعوا " (٣).

وقد اتفق أهل السنة والجماعة، على إثبات هذه الصفة لله تعالى، يقول الإمام ابن تيمية: "فالآيات الكثيرة، والأحاديث الكثيرة، وإجماع السلف، يدل على أن الله فوق العرش " (٤).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣٦٦
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٢٠
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٤٧٢
(٤) ((ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ١٦/ ٣٩٧

<<  <   >  >>