للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدل السمعاني عليه بدلالات كثيرة، منها: قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة:٥]، يقول السمعاني: " وفيه بيان أن الهداية من الله تعالى ومن كلامه، وهو مذهب أهل السنة " (١)، وقال تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:١٧٨]، يقول السمعاني: " وهذا دليل على القدرية، حيث نسب الهداية والضلالة إلى فعله من غير سبب " (٢)، ويقول تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} [البقرة:٢٦]، يقول السمعاني: " والإضلال: هو الصرف عن الحق إلى الباطل" (٣)، ويقول تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل:٩٣]، يقول السمعاني: " وحقيقة المعنى: أني لا أُسأل عما أفعل من الإضلال والهداية، وأنتم تُسألون عما تعملون من الخير والشر" (٤)، ولكن إنما نُسب إليهم الضلالة، كما في قوله تعالى {لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} [إبراهيم:٣٠]؛ لأنهم سبب في الضلال (٥). وقد ذكر الإمام ابن تيمية، أن الرافضة أخذوا هذا الأصل من المعتزلة، إذ ليس هو من أصول شيوخهم القدماء. (٦)

[المطلب الرابع: هل الاستطاعة تكون قبل الفعل أو معه؟!]

هذه المسألة من المسائل التي وقع فيها خِلاف بين الطوائف، بناء على خلافهم في باب القدر: فالجهمية الجبرية، قالوا: بنفي الاستطاعة لا مع الفعل ولا قبله، وذلك لأن العبد عندهم لا اختيار له.

والمعتزلة القدرية، أثبتوا استطاعة قبل الفعل، وأنه لا توجد للفعل قدرة تخصه عند القيام به، والأشاعرة الذين قالوا بنظرية الكسب، قالوا: بأن الاستطاعة تكون مع الفعل لا قبله.


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٥
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٣٤
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٦١
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٩٨
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١١٧
(٦) ابن تيمية: منهاج السنة: ١/ ١٠١

<<  <   >  >>