للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٥ ـ الساق]

قال تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم:٤٢]، ذكر السمعاني خلاف المفسرين في توجيه الآية، هل يُوخذ منها إثبات الساق لله تعالى، على ما يليق بعظمته وجلاله، أم يُراد منها معنى آخر؟! ذكر السمعاني ثلاثة أقوال (١):

الأول: أن المراد بالساق: الأمر الشديد، وهذه رواية عكرمة عن ابن عباس.

وقال ابن قتيبة: كانت العرب إذا اشتد بهم الأمر، عبَّروا بهذا اللفظ؛ لأن الإنسان إذا وقع له الأمر، وأخذه بجد وجهد، يقول: شمَّر عن ساقة، فوضعت الساق موضع الشدة.

وروي عن ابن عباس قول بمعنى الأول، وهو: عن هول وكربة وشدة. وقال مجاهد: هو أول ساعة من ساعات القيامة، وهي أفظعها، وأشدها على الناس.

قال السمعاني: وهذا كله قول واحد.

الثاني: قال الحسن البصري: " يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ "، أي: الستر بين الدنيا والآخرة، ويُقال: الغطاء بين الدنيا والآخرة، يقول السمعاني: " ومعناهما قريب ".

الثالث: هو ما فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا كان يوم القيامة، يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد كل مؤمن ومؤمنة، ويذهب المنافقون ليسجدوا فلا يستطيعون " (٢). قال السمعاني: وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال نحواً من هذا، فأخرج عبدالرزاق في تفسيره عن ابن مسعود، في قوله: " يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ "، قال: (عن ساقِهِ، يعنى: ساقه تبارك وتعالى) (٣).

يقول ابن القيم: " وقوله في الحديث: " فيكشف عن ساقه "، وهذه الإضافة تُبيِّن المراد بالسياق المذكور في الآية " (٤)، ويقول الشوكاني: " وقد أغنانا الله سبحانه في تفسير هذه الآية، بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عرفتَ، وذلك لا يستلزم تجسيماً، ولا تشبيهاً، فليس كمثله شيء " (٥).

المفسرون مختلفون في هذه الآية، هل هي من آيات الصفات أم لا؟!

فذهب بعضهم إلى أنها ليست من آيات الصفات، إلا بضميمة دليل آخر عليه، كما أشار إليه الإمام ابن تيمية (٦)، مع أنه يثبت صفة الساق لله تعالى، بالحديث الوارد.


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٢٨
(٢) ((أخرجه البخاري في صحيحه، باب " يوم يكشف عن ساق "، ح (٤٩١٩)
(٣) ((أخرجه عبدالرزاق في تفسيره: دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٩ هـ (٣/ ٣٣٥)
(٤) ((ابن القيم: التفسير القيم: ١٢٤
(٥) ((الشوكاني: فتح القدير: ٥/ ٣٣٢
(٦) ((ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٦/ ٣٩٤

<<  <   >  >>