للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: توحيد الأسماء والصفات]

هذا النوع من التوحيد من أدق أنواع التوحيد؛ لكثرة ما توارد النزاع فيه وتكاثر عليه، وإلا فهو من أوضح الواضحات، وأحكم المحكمات، يعلم هذا كل من سار على المنهج القرآني النقي الصافي، دون أن يُعمل عقله وهواه. ولذا كان السلف الأوائل أعلم الناس بهذا الباب، وهم أحكم الناس له، فمنهجهم فيه أسلم وأعلم وأحكم؛ لأنه يقوم على ساق التسليم للنصوص، بعيدا عن التأويل المذموم، وصرف النصوص عن ظواهرها، والتكلف في استحداث معانٍ جديدة لها.

والإمام السمعاني أحكم هذا الباب، وضبط قواعده، حين سار على منهج السلف في تقريرهم لقواعد هذا الباب، وهذا يظهر جليا في تقريرات السمعاني، وتتبعه للنصوص، فمما قرره في هذا الباب: أن الأصل فيه التوقيف، فقال: الأصل في أسامي الرب هو التوقيف، فلا توقيف في وصف الله بالعقل، فلا يُوصف به (١)، ويقول: لا يجوز أن يُسمى الرب تعالى، أو يُوصف بوصف إلا الذي ورد به القرآن والسنة (٢)، وهذا مما توارد عليه السلف.

وقد ظهر اهتمام السمعاني بهذا النوع من التوحيد من عدة جهات:

١ - تعريفه وذكر قواعده، فذكر أربع قواعد مُستقاة من كلام السلف، ومن ظواهر النصوص الشرعية.

٢ - ذكر معاني أسماء الله تعالى الوارة في القرآن، وقد ذكر ما يزيد عن سبعة وستين اسما، ويُشير في تفسيرها إلى الفروق واختلاف القراءات.

٣ - ذكر بعض الصفات الواردة في القرآن الكريم، وقد ذكر حوالى عشرين صفة، دلل عليها، ورد على المخالفين والمتأولين بالباطل فيها.

٤ - عرض لبيان بعض الآيات التي يُشكل ظاهرها على بعض الأفهام، ويخفى معناها على بعض الأذهان، وذكرت حوالى تسع عشرة آية، أبانها السمعاني، ووضح معناها بجلاء.


(١) - السمعاني: قواطع الأدلة: ١/ ٢٨
(٢) - السمعاني: مرجع سابق: ١/ ٢٦٨

<<  <   >  >>