للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذن: فكل مايعبد من دون الله تعالى ليس عليه حجة ولا سلطانا، يقول تعالى:" وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ" (الحج ٧١).

يقول السمعاني:" " مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا" أي حجة، وقوله:" وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ " يعني أنهم فعلوا مافعلوا عن جهل لا عن علم " (١).

وقال سبحانه وتعالى:" وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا " (الأعراف ٣٤)، والمراد بها الأصنام والأوثان وكل ماعبد من دون الله، والسلطان: الحجة والبرهان (٢)، يقول الإمام القرطبي: "ومعنى هذا أنه لم تثبت عبادة الأوثان في شيء من الملل، ولم يدل عقل على جواز ذلك " (٣)، "وإنما هو أمر تلقوه عن آبائهم وأسلافهم بلا دليل ولا حجة، وأصله مما سول لهم الشيطان وزينه لهم " (٤).

وقد ساهم السمعاني بهذا التتبع والاستقراء للنصوص الشرعية، في إغلاق الباب على كل مدع للألوهية لغير الله تعالى، فمن نظر في هذه الأزمان إلى كثرة المعبودات الباطلة، عرف سخافة العقول وعمق جهلها، واتباعها للهوى، وقد قيل: ما من معبود في السماء والأرض أعظم من الهوى (٥).

[المطلب الرابع: نواقض توحيد الإلهية]

بعد أن بين السمعاني معالم هذا النوع من التوحيد، وطوف بنا في جوانبه ونواحيه، وأظهر حقائقه ومراميه، انبرى ثانيا ليُبرز ما يُناقض هذا النوع من التوحيد، وبالنظر لصنيع السمعاني، وتتبع أقواله، تبين أنه ساهم في بيان الخلل، وسد الزلل، الوارد على هذا النوع من التوحيد، وأظهر خطورته التي تنقض عُرى التوحيد. وهو بهذا البيان يُشير إلى وجب أخذ الحيطة والحذر، والبعد كل البعد عن هذه النواقض، وببيانها تتميز أضدادها.

ومن النواقض التي ساقها السمعاني:


(١) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٤٥٥.
(٢) ابن عطية: المحرر الوجيز:٢/ ٣٩٥.
(٣) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ٤/ ٢٣٣.
(٤) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم:٥/ ٤٥٣.
(٥) - السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢١

<<  <   >  >>