للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣/ وقال تعالى:" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" (النحل ٧٥)

فهنا ضرب الله جل وعلا المثل لنفسه وللصنم الذي عُبد من دون الله، فالعبد المملوك أراد به الصنم، وقوله:" ومَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا"ضرب مثلا لنفسه، على معنى أنه الجواد الرزاق الذي يعطي من حيث يعلمه العبد، ومن حيث لايعلمه، ومضمون هذا التفسير منقول عن مجاهد (١).

وجه هذا المثل كما يقول الزجاج: " إن الاثنين المتساويين في الخلق، إذا كان أحدهما مقتدرا على الإنفاق مالكا، والآخر عاجزا لايقدر على أن ينفق لا يستويان، فكيف بين الحجارة التي لا تتحرك ولا تعقل، وبين الله عزوجل الذي هو على كل شيء قدير، وهو رازق جميع خلقه، فبين لهم أمر ضلالتهم، وبُعدهم عن الطريق في عبادتهم الأوثان " (٢).

ثم زاد الله عزوجل في البيان فقال:

٤/" وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ

أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (النحل ٧٦)، قال السمعاني: "والمراد من الآية ضرب مثلا آخر لنفسه وللأصنام، فالأول هو الصنم، والمراد من قوله:" وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ"هو الله تعالى،" وقوله:" عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"؛ لأن الله تعالى على طريق الحق وليس عنه معدل (٣)، ومعنى هذا المثل: "هل يستوي القادر التام التمييز، والعاجز الذي لايحس ولا يأتي بخير، فكيف يسوون بين الله وبين الإحجار" (٤)، ومضمون هذا التفسير منقول عن قتادة (٥).


(١) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ١٨٩، الماوردي: النكت والعيون: ٣/ ٢٠٤
(٢) الزجاج: معاني القرآن:٣/ ٢١٣.
(٣) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ١٩٠.
(٤) الزجاج: معاني القرآن:٣/ ٢١٤.
(٥) الماوردي: النكت والعيون: ٣/ ٢٠٤.

<<  <   >  >>