للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا عجب أن من نشأ في بيت علم وفضل ودين، أن يكون له شأن شئين، وأمر عظيم، حتى يقول حفيده أبو سعد السمعاني (١): " وجدُّنا الإمام أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني، إمام عصره بلا مدافعة، وعديم النظير في وقته، ولا أقدر على أن أصف بعض مناقبه، ومن طالع تصانيفه وأنصف، عرف محله من العلم " (٢).

ولم يصل السمعاني إلى هذه المكانة العلمية المرموقة العالية، بعد فضل الله تعالى عليه، وتوفيقه له، إلا بجهد وجد واجتهاد، في تحصيل العلم والرحلة إليه.

فكيف كان طلبه للعلم، وما رحلاته التي سُطرت له في تحصيله، كل ذلك هو موضوع المطلب الثاني.

[المطلب الثاني: طلبه للعلم، ومكانته العلمية]

كان الإمام السمعاني شغوفا بالعلم، حريصا عليه، مع ما وهبه الله تعالى من صفاء ذهن، وقوة حافظة، وهمة عالية، حتى إنه قال عن نفسه: (ما حفظت شيئا فنسيته) (٣).

ومن تمام حرصه على تلقي العلم عن أهله، رحل مُيمما وجهه لبلاد العلم والعلماء بغداد، بعدما تفقه على علماء أهل بلده مرو، فقصد بغداد، فدخلها سنة ٤٦١ هـ، وزار العراقين، واجتمع بالشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وناظر ابن الصباغ (٤). ثم رحل إلى الحجاز وصحب الإمام الزنجاني، وأبا علي الشافعي، وسمع منهما.


(١) أبو سعد السمعاني: عبدالكريم بن محمد بن منصور السمعاني الشافعي (٥٠٦ هـ - ت ٥٦٢ هـ)، محدث، حافظ، فقيه، نسابة، مؤرخ، مفسر، له تصانيف كثيرة منها: الأنساب، وتأريخ مرو. كحالة: معجم المؤلفين: (٦/ ٤).
(٢) السمعاني: الأنساب: (٧/ ٢٢٣).
(٣) السبكي: طبقات الشافعية: (٥/ ٣٤٤).
(٤) ابن الصباغ: عبدالسيد بن محمد بن عبدالواحد، أبو نصر، (٤٠٠ هـ - ت ٤٧٧ هـ)، فقيه شافعي، من أهل بغداد، تولى التدريس بالمدرسة النظامية، من كتبه: الشامل والعدة في الأصول. الزركلي: الأعلام: (٤/ ١٠).

<<  <   >  >>