للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول، المستند إلى السنة النبوية المطهرة، وهو أن ما في سابق علم الله تعالى مما هو في اللوح المحفوظ، لا يقع فيه التبديل، وإنما يقع المحو والإثبات مما في أيدي الملائكة، ففي كتب الملائكة يزيد العمر وينقص، وكذلك الرزق بحسب الأسباب، فإن الملائكة يكتبون له رزقاً وأجلاً، فإذا وصل رحمه زيد له في الرزق والأجل، وإلا فإنه ينقص منهما (١). ولذا فسَّر السمعاني قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود:١٠٥]، فقال: ومعنى الآية ها هنا عند أهل السنة: فمنهم شقي سبقت له الشقاوة، ومنهم سعيد سبقت له السعادة " (٢)، ونقل عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:٤]: يقضي كل أمر محكم، إلا السعادة والشقاوة، فإنهما لا يبدلان ولا يُغيران، وعن بعضهم: إلا الموت والحياة أيضاً (٣). وحمل قوله تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} [فاطر:١١]، أما قبل حضور الأجل فيجوز الزيادة والنقص، وأما على تقدير أجلين، فيكتب أن عمر فلان مائة سنة إن إطاعني، وخمسون أو ستون إن عصاني، قال السمعاني: وهذا جائز. (٤)

[المطلب الثامن: هل المقتول ميت بأجله أم لا؟!]

الذي عليه أهل السنة، أن المقتول ميت بأجله، حكاه السمعاني في تفسيره، قال تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران:١٥٤]، أي: خرج الذين كتب عليهم القتال إلى مصارعهم للموت، وفي هذا دليل على أن الأجل في القتل والموت واحد، كما قال أهل السنة ". (٥)


(١) انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٨/ ٥٤٠ - ابن حجر: فتح الباري: ١١/ ٤٨٨
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤٥٨
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١٢٢
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٣٥١
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٦٩

<<  <   >  >>