للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٢ ـ السميع، البصير]

من أسماء الله تعالى الثابتة في محكم التنزيل، فالله تعالى هو السميع، كما قال سبحانه: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة:١٣٧]، وهو البصير كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١]، فالله جل وعلا، سميع لأقوال العباد، بصير بأفعالهم (١)، وقد جمع الله جل وعلا بين هذين الاسمين، في مقام من أشرف المقامات للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء:١]، قال السمعاني: " ذكر السميع هاهنا؛ ليُنبه على أنه المجيب لدعائه، وذكر البصير؛ ليُنبه على أنه كان الحافظ له في ظلمة الليل " (٢).

والسمع قد يكون مقتضاه المدح، أو الذم، كما قال تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران:١٢١]، يقول السمعاني: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}: أي سميع بما قاله المنافقون، عليم بما أضمروا، فيكون على وجه التهديد، وقيل معناه: " وَاللَّهُ سَمِيعٌ " بما قال المؤمنون، " عَلِيمٌ " بما أضمروا، فيكون على وجه المدح " (٣).

وقد فَسَّر السمعاني البصير بالخبير (٤)، كما في قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد:٤]، وفَسَّر البصير بالعليم (٥)، كما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} [المُلك:١٩].


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٣٦
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٢١٤
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٥٢
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٣٦٥
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ١٢

<<  <   >  >>