للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب بعضهم إلى أن الآية لا تدل على صفة الساق، ولا حتى الحديث، وهؤلاء أولوا حتى ما ورد مُضافاً إلى الله جل وعلا؛ بناء على ما توهموه من إن إثباته، يلزم منه ما يلزم البشر، وهذا ليس كذلك، فإن الله ليس كمثله شيء، ولذلك تأولوا ما ورد في السنة، بأن المراد: يكشف عن قدرته، التي تكشف عن الشدة، أو أن المراد به نور عظيم (١). ولذا ردها الرازي، وتأولها. (٢)

والذي يظهر ـ والعلم عند الله تعالى ـ أنه لا تنافي بين قول ابن عباس، وما ورد في الحديث، فإن الأمر شديد يوم القيامة، ولا ينافي هذا أن يكشف ربنا عن ساقه سبحانه. (٣)

والإمام السمعاني ساق الأقوال، ولم يرجح شيئاً، ولكن سوقه لحديث أبي سعيد في تفسير الآية، يدل على قبوله؛ لأنه سبق أن أشرنا إلى أن السمعاني، يُفسِّر القرآن بالقرآن، والقرآن بما صح في السنة، ولكنه على أصل قبول الصفات سواء فسَّر الآية بالحديث، أو لا.

[٦ ـ الغضب]

قال تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزُّخرُف:٥٥]، يقول السمعاني:" قوله تعالى: " فَلَمَّا آسَفُونَا " أي: أغضبونا وأسخطونا ... وفي بعض الآثار: أن عروة بن الزبير، كان جالساً مع وهب بن منبه، فجاء قوم فشكوا عاملهم، وكان العامل حاضراً، فغضب وهب بن منبه، وأخذ عصا، وشَجَّ رأس العامل، فضحك عروة بن الزبير، فقال: انظروا إلى هذا، ينهى عن الغضب ويغضب؟، فقال وهب: لا، لا تلمني، فإن الله تعالى يغضب، وهو خالق الأحلام، ثم قرأ قوله تعالى: " فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ " (٤).


(١) ((الخازن: لبان التأويل: ٤/ ٣٢٩
(٢) ((الرازي: أساس التقديس: مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، ط ١، ١٤١٥ هـ (١٠٩)
(٣) ((انظر: الأشقر: العقيدة في الله: ١٨٣
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١١٠

<<  <   >  >>