للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القضية الثانية: التفاضل بين العبادات]

لا شك أن التفاضل بين الأعمال له أصل في الشريعة، فليست النوافل كالفرائض، وليست الفرائض على حد سواء، وكذا النوافل فبعضها يفوق بعضا، فما يكون فاضلا في زمان ومكان، قد لا يكون فاضلا كذلك في زمان ومكان آخر.

وقد أشار السمعاني إلى جملة من المفاضلات الواردة في الشريعة، مما له تعلق بهذا الباب، وذكر أربع مسائل:

١ - تفضيل الذكر على ما عداه.

٢ - تفضيل العلم على صلاة النوافل.

٣ - المفاضلة بين إخفاء الصدقات وإظهارها.

٤ - المفاضلة بين الطواف والصلاة لمن قدم مكة.

[المسألة الأولى: تفضيل الذكر على ما عداه]

حكى السمعاني تفضيل بعض العلماء الذكر على كل الطاعات، واستدل بقوله تعالى: (ولذكر الله أكبر)، قال: والمعنى عند بعضهم: أي ولذكر الله أفضل من كل الطاعات، واحتج كذلك بما رُوي عنثابت البناني: أن رجلا أعتق أربع رقاب، وجعل آخر يذكر الله بالتسبيح والتحميد والتهليل، ثم سسُئل عن ذلك جماعة من أهل العلم فقالوا: ذكر الله تعالى أفضل؛ لأن الله تعالى قال: (ولذكر الله اكبر) (١). وهذا المعنى الذي ذكره السمعاني صحيح، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لكن مما هو كالإجماع بين العلماء بالله وأمره، أن ملازمة ذكر الله دائما هو أفضل ما شغل العبد به نفسه بالجملة ... والدلائل القرآنية والإيمانية بصرا وخبرا ونظرا على ذلك كثيرة (٢).


(١) - السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١٨٤
(٢) - ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ١٠/ ٣٧٠

<<  <   >  >>