للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد فَرَّق الإمام السمعاني بين الحمد والشكر، وذكر أن الحمد يأتي بمعنى الشكر على النعمة، ويأتي بمعنى التحميد والثناء على الأوصاف المحمودة، قال: " يُقال: حمدت فلاناً على ما أسدى إليَّ من النعمة. ويُقال: حمدت فلاناً على شجاعته وعلمه. وأما الشكر لا يكون إلا على النعمة؛ فللحمد معنى عام، وللشكر معنى خاص. فكل حامد شاكر، وليس كل شاكر حامداً " (١)

وأشار السمعاني إلى فائدتين لطيفتين في الحمد:

الأولى: بيان أن حمد الله تعالى لنفسه، يختلف عن حمد المخلوقين لأنفسهم؛ لأن حمد المخلوقين لا يخلو عن نقص؛ فلا يخلو مدحه نفسه عن كذب، فيقبح منه أن يمدح نفسه. وأما الله ـ جل جلاله ـ بريء عن النقص والعيب؛ فكان مدحه نفسه حسناً. (٢)

الثانية: أن قوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ)، يحتمل معنيين: الإخبار، والتعليم: أما الإخبار، كأنه يُخبر أن المستوجب للحمد هو الله، وأن المحامد كلها لله تعالى. وأما التعليم، كأنه حمد نفسه، وعَلَّم العباد حمده، وتقديره: قولوا الحمد لله. (٣)

وقال في تفسير قوله تعالى: " وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ "،: " فقوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) معناه: احمدوا الله، ذكر الخبر بمعنى الأمر، وفائدته: الأمر بالحمد، وتعليم الحمد، فإنه لو قال: احمدوا الله، دعت الحاجة إلى بيان كيفية الحمد " (٤)

فالحمد من أعظم الأذكار، ولذا حمد الله نفسه، فقال: " الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" (النحل ٧٥)، يقول السمعاني: " ظاهر المعنى: أي: حمد نفسه على علمه وجهلهم، وقيل: معناه: قل الحمد لله على ما أوضح من الدليل، وبَيَّنَ من الحق، بل أكثرهم لا يعلمون، ويقال: الحمد لي فإني أنا المستحق للحمد، لا ما يشركون بي، بل أكثرهم لا يعلمون أني أنا المستحق للحمد " (٥).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٥
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٥
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٤٢٠
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٨٦
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٩٠

<<  <   >  >>