للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الأولى: تعريف العبادة في اللغة والاصطلاح]

[١ ـ العبادة في اللغة]

العبادة في اللغة هي: الطاعة مع الخضوع، ويُقال: طريق مُعبَّد، إذا كان مذللاً بكثرة الوطء، وتعبيد مُعبَّد إذا كان مطلياً بالقطران (١). وفي هذا يقول السمعاني:

" والعبادة: هي الطاعة مع التذلل والخضوع، يقال: طريق مُعَّبد، أي: مذلل " (٢). وفي المخصص (٣): " ومنه أُخذ العبد؛ لذلته لمولاه، والعبادة الخضوع، والتذلل، والاستكانة، قرائب في المعاني ... وكل خضوع ليس فوقه خضوع فهو عبادة، طاعة كان للمعبود أو غير طاعة.

وكل طاعة لله على جهة الخضوع والتذلل، فهي عبادة، والعبادة نوع من الخضوع، لا يستحقه إلا المنعم بأعلى أجناس النعم، كالحياة، والفهم، والسمع، والبصر، والشكر، والعبادة لا تستحق إلا بالنعمة؛ لأن العبادة تنفرد بأعلى أجناس النعم؛ لأن أقل القليل من العبادة، يكبُر عن أن يستحقه، إلا من كان له أعلى جنس من النعمة، إلا الله سبحانه، فلذلك لا يستحق العبادة إلا الله ".

ويُقال: النسك، وهي العبادة، ومنه يُقال للعابد: ناسك (٤). يقول الأزهري (٥): " والنسك: العبادة، والناسك: العابد الذي يخلص عبادة الله، ولا يُشرك به " (٦). وقيل لثعلب (٧): هل يُسمَّى الصوم نسكاً؟ فقال: كل حق لله عز وجل، يُسمى نُسكاً (٨). قال أهل اللغة:


(١) ((الأزهري: تهذيب اللغة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط ١، ٢٠٠١ م، (٢/ ١٣٨)
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٧
(٣) ((ابن سيده: المخصص: دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط ١، ١٤١٧ هـ (٤/ ٦٢)
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٤٠
(٥) ((الأزهري: محمد بن أحمد، (٢٨٢ هـ - ت ٣٧٠ هـ) أحد الأئمة في اللغة والأدب، مولده ووفاته في هراة بخراسان، نسبته إلى جده الأزهر، من تصانيفه: تهذيب اللغة، وتفسير القرآن: الزركلي: الأعلام: ٥/ ٣١١
(٦) ((الأزهري: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، دار الطلائع، (٦١)
(٧) ((ثعلب: أحمد بن يحيى، (٢٠٠ هـ-ت ٢٩١ هـ)، إمام الكوفيين في النحو واللغة، كان راوية للشعر، محدثاً، مشهوراً بالحفظ، وصدق اللهجة، ثقة، حجة، ولد ومات في بغداد، من كتبه: الفصيح، والمجالس. الزركلي: الأعلام: ١/ ٢٦٧
(٨) ((ابن سيده: المحكم والمحيط الأعظم: دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٢١ هـ (٦/ ٧٢٤)

<<  <   >  >>