للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الإمام ابن كثير: " ولكن يرزقهم من الرزق ما يختاره مما فيه صلاحهم، وهو أعلم بذلك، فيغني من يستحق الغنى، ويفقر من يستحق الفقر " (١).

ويقول الخطيب الشربيني (٢): فالتفاوت في أنه رب العباد، ليس لأجل بخل، بل لأجل رعاية مصلحة، لايعلم بها العبد " (٣).

ويقول السعدي:" وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ": بحسب ما اقتضاه لطفه وحكمته " (٤).

وبهذا قال الإمام السمعاني في توجيه ماقيل، ورد الخطأ في التفسير فقال: "وعن البصري قال: هذا قول اليهود، وكانو يقولون: كيف تعطيهم وقد أفقرهم الله تعالى، ولو شاء أن يعطيهم أعطاهم؟ وذكر القتيبي في كتاب المعارف: أن أبا الأسود الدؤلي كان من خلقه أغناهم، فهذا من حجة البخلاء في البخل، وهي حجة باطلة؛ لأن الله تعالى منع الدنيا من الفقراء لا بخلاً ولكن ابتلاءاً، وأمر الأغنياء بالإنفاق لابحكم الحاجة إلى أموالهم، ولكن ابتلاء شكرهم" (٥)، فالله تعالى حكيم ينزل الخير بقدر ما يشاء على وفق الحكمة.

المسألة السادسة: معنى قوله تعالى:"سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ" (الرحمن ٣١)، معلوم أن من كمال ربوبية الله تعالى على خلقه، أنه لايشغله شأن عن شأن، ولا حال عن حال، فإنه يقضي الحاجات، ويسمع الدعوات، ولاتختلف عليه اللغات، ولا تشتبه عليه الأصوات، ومن مقتضى تدبيره لملكوته، أنه لايعجزه شيء، وتدبيره قائم على كل الخلائق في كل زمان ومكان، فلِمَ إذن عبر جل وعلا بقوله تعالى:" سَنَفْرُغُ" والفراغ لايكون إلا عن شغل، ولايجوز الشغل على الله تعالى؟!

أولًا: اختلف العلماء في معنى الآية الكريمة على أقوال (٦):


(١) ((ابن كثير: تفسير القرآن العظيم:٧/ ٢٠٦
(٢) ((الخطيب الشربيني: محمد بن أحمد: فقيه شافعي: مفسر من أهل القاهرة: له تصانيف منها: مغني المحتاج: توفي سنة ٩٧٧، الزركلي: الأعلام:٦/ ٦.
(٣) ((الخطيب الشربيني: السراج المنير: مطبعة بولاق-القاهرة،١٢٨٥ هـ (٢/ ٣٠١)
(٤) ((السعدي: تيسير الكريم الرحمن:٧٥٨
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٣٨١
(٦) ((انظر: الثعلبي: الكشف والبيان عن تفسير القرآن: دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط ١، ١٤٢٢ هـ، (٩/ ١٨٦)

<<  <   >  >>