للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أنه وعيد وتهديد من الله سبحانه وتعالى، كقول القائل: لأتفرغَنَّ لك، وما به شغل. وهذا قول ابن عباس والضحاك.

الثاني: أن معناه: سنقصدكم بعد الترك والإمهال، ونأخذ في أمركم.

الثالث: أن معناه: سنفرغ لكم مما أوعدناكم وأخبرناكم، من الجزاء والحساب، فنحاسبكم ونجازيكم، وننجز لكم ما وعدناكم، ونوصل كلا إلى ما وعدناه، فيتم ذلك ويفرغ منه، وإليه ذهب الحسن ومقاتل.

ورجح الإمام السمعاني في تفسيره القول الأول، فقال: " والجواب: أن هذا على طريق التهديد والوعيد، كالإنسان يقول لغيره: سأفرغ لك، وإنه لم يكن في الحال في شغل " (١).

وبهذا فسرها ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، فقال: " وعيد من الله للعباد، وليس بالله شغل، وهو فارغ " (٢)، وروى جبير عن الضحاك قال: هذا وعيد من غير شغل. (٣)

وهذا الوعيد في الآخرة، وهو عبارة عن الوقت الذي قدر فيه وقضى، أن ينظر في أمو عباده، وقيل: يحتمل أن يكون التوعد بعذاب في الدنيا، قال ابن عطية: " والأول أبين " (٤)، وعلى هذا، إنما حَسُن لفظ الفراغ؛ لسبق ذكر الشأن في الآية، والمعنى: سنترك ذلك الشأن إلى هذا. (٥)

إذن: فهذا مما جرى استعماله في كلام العرب (٦)، وهو مضمن للتهديد والوعيد، " فهذا اللفظ من أبلغ التهديد والوعيد، نعمة من الله للانزجار عن المعاصي، وفي إقامة الجزاء أعظم النعمة، ولو ترك لفسدت الدنيا والآخرة " (٧).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٣٢٩
(٢) ((الطبري: جامع البيان: ٢٣/ ٤٢
(٣) ((السمرقندي: بحر العلوم: ٣/ ٣٨٣
(٤) ((ابن عطية: المحرر الوجيز: ٥/ ٢٣٠
(٥) ((الواحدي: التفسير الوسيط: ٤/ ٢٢٢
(٦) ((ابن عطية: المحرر الوجيز: ٥/ ٢٣٠، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ٧/ ٤٩٦
(٧) ((محمود النيسابوري: إيجاز البيان عن معاني القرآن: دار الوعي الإسلامي، بيروت، ط ١، ١٤١٥ هـ، (٢/ ٨٧٨)

<<  <   >  >>