للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ ـ ما معنى المكر من الله تعالى]

قال تعالى: {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران:٥٤]، يقول السمعاني: " المكر من العبد: الخبث الخِداع، ومن الله تعالى: أن يأخذ العبد بغتة من حيث لا يعلم، وإنما سماه مكراً، على المقابلة؛ لأنه جزاء مكرهم، كما قال: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:٤٠]، والمراد بمكرهم هنا: أنهم احتالوا لقتل عيسى، فقال رجل: ألا أدلكم على البيت الذي فيه عيسى، فجاؤوا معه البيت الذي كان فيه عيسى، فرفعه الله إلى السماء، وألقى شبه عيسى على من دلهم عليه، فأخذوه وهو يصيح، لست بعيسى، فقتلوه، وقيل: إن الدال كان واحداً من الحواريين، فذلك مكر الله " وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ " " (١).

وقال تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:٣٠]، يقول السمعاني: "المكر من الله: التدبير بالحق، وقيل: هو الأخذ بغتة. قال الزجاج: يجازيهم جزاء المكر، " وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ أي: خير المدبرين " (٢).

وقال تعالى: {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} [الزُّخرُف:٧٩]، يقول السمعاني: " يُقال: " أَمْ أَبْرَمُوا ": أي: كادوا كيداً، ومكروا مكراً، وقوله: " فَإِنَّا مُبْرِمُونَ " أي: نُقابل كيدهم ومكرهم بالإبطال، ونجازيهم جزاء مكرهم " (٣).

٣ ـ ما معنى قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء:١٤٢]:

يقول السمعاني: "يخادعون الله: أي يعاملون الله معاملة المخادعين، حيث أظهروا الإيمان، وأبطنوا الكفر، وهو خادعهم، أي: يعاملهم معاملة المخادعين، وذلك على وجهين:

أحدهما: أنه حكم بإيمانهم في الظاهر، وكفرهم في الباطن، كما فعلوا هم.

والثاني: أنه في القيامة يعطيهم نوراً، كما يُعطي المؤمنين، ثم إذا كانوا على الصراط طفيء نورهم، وذهب المؤمنون بنورهم " (٤).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٢٣
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٦٠
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١١٧
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٩٣

<<  <   >  >>