للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال السمعاني في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٧٧]،: " أي: لا يكلمهم كما يُكلم المؤمنين، وقد صَحَّ أنه جل جلاله، يُكلم المؤمنين يوم القيامة من غير ترجمان " (١).

وأما نفي التكليم يوم القيامة، ففيه قولان: (٢)

أحدهما: أنه لا يكلمهم، ولكن يكلمهم بالتهديد والتوبيخ.

والآخر: أنه غضبان عليهم، كما يُقال: فلان لا يُكلم فلاناً، إذا كان غضباناً عليهم. ولذا فإن كلام الله جل وعلا لا ينفد، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان:٢٧]، بمعنى: أن جميع أشجار العالم، ونباتها، لو بريت أقلاماً، وصارت البحور مداداً، ما نفدت كلمات الله، أي: كلام الله وعلمه. (٣)

ورد السمعاني على المعتزلة في قولهم: إن الله خلق كلاماً في الشجرة، على مذهبهم الفاسد في إنكار الصفات لله تعالى، فقال السمعاني: " وعند المعتزلة: أن الله تعالى خلق كلاماً في الشجرة فسمع موسى ذلك الكلام، وهذا عندنا باطل، وذلك لأن الله تعالى هو الذي كلم موسى على ماورد به النص، وإذا كان على هذا الوجه الذي قالوا، فيكون الله خالقاً لا مكلماً؛ لأنه يُقال: خلق فهو خالق، ولا يُقال: خلق فهو مُكلم " (٤).

وقد استفاض النقل عن علماء السلف في حكاية الإجماع على أن الله تعالى متكلم بكلام قائم به، وأن كلامه غير مخلوق.


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٣٤
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٧٠
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٣٥
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١٣٧

<<  <   >  >>