للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول لثاني: أن الآية عامة في جميع بني آدم، ونقل ذلك عن عكرمة، فيكون معنى الآية على قول عكرمة: " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ " يعني: خلق كل واحد من أبيه، " وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا " أي: جعل من جنسها زوجها، " لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا " يعني: كل زوج إلى زوجته، " فَلَمَّا تَغَشَّاهَا " أي: وطئها، " حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ". وقال السمعاني عن هذه القول: " وهذا قول حسن في الآية "، إلا أنه رجح القول الأول واستظهره، وقال " والأول أشهر وأظهر، وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وجماعة من المفسرين كلهم قالوا: إن الآية في آدم وحواء " (١).

وهذا القول اختاره الطبري، وجعله قول الأكثر، فقال:" وأولى القولين بالصواب، قول من قال: عنى بقوله: " فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ " في الاسم لا في العبادة، وأن المعني بذلك آدم حواء؛ لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك " (٢)

والعلماء مختلفون في هذه المسألة اختلافاً كبيراً، ولذا سلكوا في توجيه الحديث الوارد في المسألة عن سمرة، وأثر ابن عباس، مسالك مختلفة، بيانها فيما يلي:

المسلك الأول: الذي جرى عليه السمعاني، وهو إبقاء الآية على ظاهرها، والاحتجاج بما ورد في تفسيرها، وأن المَعنيَّ بها آدم وحواء.

وهؤلاء الذين سلكوا هذا المسلك، اختلفوا أيضاً في توجيه معنى الشرك المضاف إلى آدم، بعد اتفاقهم على أن المراد بها: آدم وحواء، على أقوال:


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٣٩ - ٢٤٠
(٢) الطبري: جامع البيان: ١٣/ ٣١٥

<<  <   >  >>