للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل الكلاباذي (١) عن أهل التصوف في هذه المسألة قولين:

١ ـ سكت جمهورهم عن التفضيل، وقالوا: الفضل لمن فضله الله، ليس ذلك بالجوهر ولا بالعمل، ولم يروا أحد الأمرين، أوجب من الآخر بخبر إلا عقل.

٢ ـ وفضل بعضهم الرسل.

٣ ـ وفضل بعضهم الملائكة (٢).

ونُسب القول في تفضيل الملائكة على الأنبياء، إلى المعتزلة والفلاسفة، وهو قول أبي عبدالله الحليمي، والباقلاني (٣).

إذن: فالقول الذي رجحه الإمام السمعاني: وهو قول السواد الأعظم من أهل الملة، وهو تفضيل الأنبياء على الملائكة وإن كانوا رسلا، قال السمعاني:" كما ذهب إليه أهل السنة" (٤).

ومما استدل به السمعاني في تفضيل الأنبياء على الملائكة:

-قوله تعالى:" وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا" [البقرة:٣١]، قال: "إنما علمه ذلك تكريما وتشريفا له، وذلك دليل على أن الأنبياء أفضل من الملائكة وإن كانوا رسلا" (٥).

وبين السمعاني بعض أدلة المخالفين ورد عليها ومنها:

١ - قوله تعالى:" لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ " [النساء:١٧٢]، قال السمعاني: "واستدل بهذه الآية من ذهب إلى تفضيل الملائكة على البشر؛ لأن الله تعالى ارتقى من عيسى إلى الملائكة، وليس في الآية مستدل، وإنما قال الملائكة المقربون لامتناع مكانهم ومقامهم على مقام البشر، وإنما قال ذلك على ماعند النصارى، ولعله كان عندهم، أن الملائكة أفضل من البشر، فقال ذلك على مافي زعمهم" (٦).


(١) الكلاباذي: محمد بن إبراهيم البخاري، من حفاظ الحديث، له: بحر الفوائد: توي سنة ٣٨٠ هـ، الزركلي: الأعلام:٥/ ٢٩٥
(٢) الكلاباذي: التعرف لمذهب أهل التصوف، دار الكتب العلمية-بيروت (٦٨).
(٣) الإيجي: المواقف:٣/ ٤٥٨
(٤) السمعاني: تفسير القرآن:١/ ٦٥
(٥) السمعاني: تفسير القرآن:١/ ٦٥
(٦) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٥٠٧

<<  <   >  >>