للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الإمام ابن تيمية: "وكما أن الغلو في غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه قدح في منصب الرسول، وما خصه الله به، وهو أحد أصلي الإسلام، فكذلك الغلو في غير الله، فيه قدح فيما يجب لله من الألوهية وفيما يستحق من صفاته، فمن غلا في البشر أو غيرهم، فجعلهم شركاء في الألوهية أو الربوبية فقد عدل بربه وأشرك به وجعل له نداً " (١) ..

والغلو في المخلوق درجات فيترقى إلى درجة الشرك، يقول ابن القيم في تعداد الكبائر: "ومنها الغلو في المخلوق حتى يتعدى به منزلته، وهذا قد يرتقي من الكبيرة إلى الشرك" (٢).

والذي أمر الله جل وعلا به في هذا المقام: هو الاستقامة على شرعه، كما قال جل وعلا:" فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ" (هود ١١٢)، يقول السمعاني: "معنى الاستقامة يعني: المداومة على موجب الأمر والنهي " (٣)، ثم نهاه عن ا لطغيان فقال: " وَلَا تَطْغَوْا "، وقد ذكر السمعاني في توجيهها قولين: أحدهما: ولا تطغوا في الاستقامة يعني: لاتزيدوا على ما أمرت ونهيت، فتحرموا ما أحل الله، وتكلفوا أنفسكم مالم يشرعه الله، ولم يفعله الرسول وأصحابه، والمعنى الثاني: الطغيان: هو البطر لزيادة النعمة (٤) ..


(١) ابن تيمية: جامع الرسائل:١/ ٢٧٥
(٢) ابن القيم: إعلام الموقعين عن رب العالمين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١١ هـ (٤/ ٣٠٩).
(٣) السمعاني: تفسير القرآن:٢/ ٤٦٢.
(٤) السمعاني: تفسير القرآن:٢/ ٤٦٤.

<<  <   >  >>