للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاصة: أن لفظ (المحاربة لله ورسوله) قد يدخلها الحقيقة والمجاز، المجاز من لفظ الباري جل وعلا، وذلك أن حربه جل وعلا غير ممكنة، وعليه فتؤول بالمعصية، ومخالفة أمره، كما فسره بها الطبري في قوله تعالى: " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ " (التوبة ١٠٧)، فيقول: "وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ" يقول: وإعدادًا له، لأبي عامر الكافر، الذي خالف الله ورسول وكفر بهما، وقاتل رسول الله (١)، وأشار الماوردي في تفسيره إلى هذا المعنى فقال: " وفي محاربة الله تعالى ورسوله وجهان: أحدهما مخالفتهما، والثاني: عداوتهما " (٢).

والحقيقة من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم -: يقول السمين الحلبي: " تُحمل محاربتهم لله تعالى على معنى يليق بها، وهي المخالفة مجازا، ومحاربتهم لرسول الله على المقاتلة حقيقة " (٣).

فالسمعاني حكى في المسألة قولين: قول على حذف المضاف، وقول على الحمل على ظاهر اللفظ، وإرادة معنى آخر، ولم يُرجح بينهما، والآية محتملة لكلا المعنيين، ولا تنافي بينهما؛ لنفي المعنى الباطل المتوهم.


(١) ((الطبري: جامع البيان:١٤/ ٤٦٩
(٢) ((الماوردي: النكت والعيون:٢/ ٤٠١
(٣) ((السمين الحلبي: الدر المصون:٤/ ٢٥٠

<<  <   >  >>