توحيد الألوهية، هو التوحيد الذي جاءت به الرسل، وأنزلت به الكتب، وصار بسببه الصراع بين الرسل وأقوامهم، ولذا فالقرآن أولاه عناية خاصة؛ فلا تكاد تقرأ في صفحة من صفحاته إلا ويقع بصرك على معنى من معانيه، ومقصد من مقاصده، مما يُبين لك أهمية هذا النوع من التوحيد، الذي هو لب التشريعات، وخلاصة الرسالات في الأديان كلها، وكل الشرائع ترجع في مجملها إلى هذا المعنى الذي أشار الله تعالى إليه بقوله:(إياك نعبد وإياك نستعين)(الفاتحة ٤).
ولما كان هذا النوع بهذه الأهمية، أولاه السمعاني عناية فائقة، وقد ظهر اهتمامه بهذا النوع من التوحيد من عدة جهات:
١ - تحرير المعنى الصحيح لهذا النوع من التوحيد، وتتبع مظانه في النصوص الشرعية.
٢ - البيان الشافي لاهتمام القرآن بذكر مفردات العبادة وأنواعها وما يتعلق بها، فأشار القرآن إلى جملة من العبادات؛ كالدعاء، والسجود، والركوع، والذكر، وغيرها.
٣ - تتبع النصوص الدالة على استحقاق الله تعالى للألوهية، وتقريرها من عدة جهات.
٤ - ذكر شروط كلمة التوحيد ونواقضها.
٥ - الإشارة إلى بعض النصوص التي يتوهم تعارضها مع هذا الأصل العظيم، وإزالة الإشكالات الاردة على الذهن منها.
وتميز بحث السمعاني لهذه المسائل بالدقة والتحري، وإيراد المسائل، وحشد الدلائل لكل مسألة، مما يزيد الأمر وضوحا وبيانا.