للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتوحيد الألوهية: هو توحيد العبادة، وهو المروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، يقول الله تعالى: " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) " (الذاريات ٥٦)، قال ابن عباس: إلا ليقروا بالعبودية طوعاً وكرهاً، ورجح هذا القول الطبري في تفسيره، وقال: " وأولى القولين بالصواب، القول الذي ذكرنا عن ابن عباس، وهو: ما خلقت الجن والإنس إلا لعبادتنا، والتذلل لأمرنا " (١).

وذهب السمعاني إلى أن هذه الآية، من العام الذي أريد به الخاص، وأن المخاطب بها المؤمنون، ونقله عن الضحاك واختاره (٢). وقد نقل عن ابن عباس: كل ما ورد في القرآن من العبادة، فهو بمعنى التوحيد (٣)، فدل على أن التوحيد الذي أُمر به، ودُعِي إليه، هو توحيد العبادة؛ لأنه لم يبق بعد اعترافهم بالخالقية، إلا العبادة، ولذا قال تعالى: " يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) " (البقرة ٢١): فقوله: (اعبدوا) بمعنى: وحدوا الله الذي خلقكم، وإنما خاطبهم به؛ لأن الكفار مقرون أن الله خالقهم، (والذين من قبلكم) أي: وخلق الذين من قبلكم. فإن قيل: أي فائدة من قوله (والذين من قبلكم)، فإن من عرف أن الله خالقه، فقد عرف أنه خالق غيره من قبله؟ قيل: فائدته المبالغة في البيان، أو يقال: فائدته المبالغة في الدعوة، يعني: إذا كان الله خالقكم، وخالق من قبلكم، فلا تعبدوا إلا إياه " (٤).


(١) ((الطبري: جامع البيان: ٢٢/ ٤٤٥
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٦٤
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٥٦
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٥٦

<<  <   >  >>