للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عَرَّف الإمام ابن تيمية العبادة، بمعناها الواسع الذي يشمل كل الدين، فقال: " العبادة: هي اسم جامع كل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال، والأعمال الباطنة والظاهرة " (١)، ولذا قال في مقام آخر: " فإذا أمر بعبادة الله مطلقاً، دخل في عبادته كل ما أمر الله به، فالتوكل عليه مما أمر به، والاستعانة مما أمر به " (٢).

والعبادة في حقيقتها " اسم يجمع كما الذل ونهايته، وكما الحب لله ونهايته، فالحب الخلي عن ذل، والذل الخلي عن حب، لا يكون عبادة، وإنما العبادة ما يجمع كمال الأمرين، ولهذا كانت العبادة لا تصلح إلا لله " (٣).

وقيل في تعريف العبادة:

ـ " هي الأفعال الواقعة على نهاية ما يمكن من التذلل والخضوع، والمجاوزة لتذلل بعض العباد لبعض " (٤)

ـ " هو فعل المكلف على خِلاف هوى نفسه؛ تعظيماً لربه " (٥).

وقد ذكر أهل التفسير أن العبادة في القرآن على وجهين (٦):

١ ـ التوحيد، ومنه قوله تعالى: " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْ‍ئًا " (النساء ٣٦)، أي وحدوه، وكذلك كل ما ورد في دعاء الأنبياء قومهم.

٢ ـ الطاعة، ومنه قوله تعالى: " تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (٦٣) " (القصص ٦٣)

وقد فَسَّر الإمام السمعاني العبادة بمعنى الطاعة، ففي قوله تعالى: " وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ " (العنكبوت ١٦). يقول: " إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ": أي: أطيعوا الله، واحذروا معصيته " (٧).


(١) ((ابن تيمية: العبودية، المكتب الإسلامي، بيروت، ط ٧، ١٤٢٦ هـ (٤٤)
(٢) ((ابن تيمية: الإيمان: (١٣١)
(٣) ((ابن تيمية: أمراض القلوب وشفاؤها: (٤٤)
(٤) ((ابن الجوزي: نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط ٣، ١٤٠٧ هـ (٤٣١)
(٥) ((الجرجاني: التعريفات، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٠٣ هـ (١٤٦)
(٦) ((ابن الجوزي: نزهة الأعين النواظر: (٤٣١)
(٧) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١٧٢

<<  <   >  >>