للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه العبودية طريق السعادة، يقول الإمام ابن القيم: "وكان شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رضي الله عنه ـ يقول: من أراد السعادة الأبدية، فليلزم عتبة العبودية، وقال بعض العارفين: لا طريق أقرب إلى الله من العبودية " (١). فعبادة الله تعالى، خير ما يحصله المرء ويسعى إليه، يقول تعالى: " وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) " (العنكبوت ١٦)، يقول الإمام السمعاني: " ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) ": أي: عبادة الله وتقواه، خير لكم إن كنتم تعلمون ". (٢)

ثانياً: أن عبادة الله جل وعلا، والأمر بها، هي الميثاق الذي أخذه الله تعالى على النبيين ـ عليهم الصلاة والسلام ـ، قال تعالى: " وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّ‍ينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (٧) " (الأحزاب ٧)، يقول الإمام السمعاني: " وأما معنى الميثاق، قال أهل التفسير: أخذ عليهم أن يعبدوا الله، ويدعوا إلى عبادة الله، ويصدق بعضهم بعضاً، وينصحوا الناس " (٣)، ذكر هذا مقاتل في تفسيره (٤)، ويقول الإمام نصر السمرقندي: " قوله تعالى: " وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّ‍ينَ مِيثَاقَهُمْ "، وهو الوحي الذي أوحى إليهم، أن يدعوا الخلق إلى عبادة الله عز وجل، وأن يصدق بعضهم بعضاً " (٥)، وبذا فسَّر الميثاق الغليظ في تتمة الآية: " وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا " قال: عهداً وثيقاً، أن يعبدوا الله تعالى، ويدلوا الخلق إلى عبادة الله عز وجل، وأن يبشر كل واحد منهم بمن بعده " (٦).

واختلف المفسرون في هذا الميثاق على قولين:


(١) ((ابن القيم: مدارج السالكين: ١/ ٤٢٩
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١٧٣
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٦١
(٤) ((مقاتل: تفسير مقاتل: ٣/ ٤٧٥
(٥) ((السمرقندي: بحر العلوم: ٣/ ٤٥
(٦) ((السمرقندي: بحر العلوم: ٣/ ٤٦

<<  <   >  >>