للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا كانت آفة العبادة، التي تخالف غايتها ومقصودها، ويبتلى بها كثير من أهلها الشرك، وفُسِّر بالرياء، والرياء: أن يعمل الإنسان ما يعمل، مراءاة للناس، لا اتباعاً لأمر الله تعالى. (١) وقد ذكر الإمام السمعاني، أن الإخلاص في الأعمال هو من المجاهدة، يقول في تفسير قوله تعالى: " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩) " (العنكبوت ٦٩): " ويُقال: تحقيق الإخلاص في الأعمال، وهو حقيقة قوله تعالى: " فِينَا " (٢). وقال في موطن آخر: " الإخلاص هو التوحيد، ويُقال: الإخلاص تصفية النية في طاعة الله تعالى ". (٣)

ولذا كان الواجب على المسلم، أن يكون في سيره إلى الله جل وعلا، موافقاً للشرع، لأن كثرة العبادة ليست معياراً للصلاح، فالخوارج معروفون بتعبدهم، ومع ذلك مشهورون بزيغهم وانحرافهم، ولذا قال الله جل وعز: " لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا " (الملك ٢)، ولم يقل: أكثر عملا؛ لأن الكثرة ليست ميزاناً، بل الميزان في الورع عن المحارم، والإخلاص في العمل، والزهد في الدنيا، والبصر بعيوب النفس. (٤)

ومن هنا نفهم السِّر في ختم آية الأمر بالعبادة بالتقوى: " يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) " (البقرة ٢١)، يقول الإمام السمعاني: " معناه: اعبدوا وكونوا على حذر منه، وهذا دأب العابد، أن يعبد الله ويكون على حذر منه ". (٥)

رابعاً: العبادة تختلف من جهة: تفاضلها، وتمايزها، وأقسامها.


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٩٤
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١٩٤
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٤٥٧
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٦ - ٧
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٥٧

<<  <   >  >>