للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ ـ وقيل: إن المعنى: وآتاكم من كل ما سألتموه، ولو سألتموه، وهو مروي عن الفراء (١).

وأما الإمام السمعاني فقد أجاب بجوابين: (٢)

الأول: أن جنسه يُعطى الآدميين، وإن لم يُعطه على التعيين، فاستقام الكلام بهذا.

الثاني: قيل معناه: من كل ماسألتموه، ولم تسألوه.

ثم أشار إلى قراءة التنوين، حيث تكون (ما) نافية، فقال: " وأما القراءة الثانية، فمعنى (ما) هو النفي، ومعناه: أعطاكم أشياء لم تسألوها، فإن الله تعالى أعطانا الليل والنهار، والشمس والقمر، والنجوم والرياح، وما أشبه ذلك، ولم نسأله شيئاً منها ". (٣)

وقد رد الطبري هذه القراءة، ورجح الجواب الأول فقال: " والصواب من القول في ذلك عندنا: القراءة التي عليها قراء الأمصار، وذلك إضافة (كل) إلى (ما)، معنى: وآتاكم من سؤلكم شيئاً، على ما بينا من قبل؛ لإجماع الحجة من القراء عليها، ورفض القراءة الأخرى" (٤).

المسألة الرابعة:

قال الله تعالى: " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) " (الأعراف ٥٥): تضمنت هذه الآية شيئين:

أحدهما: محبوب للرب تبارك وتعالى، مرضي له، وهو الدعاء تضرعاً وخفية.

والثاني: مكروه له، مبغوض، مسخوط، وهو الاعتداء، فأمر الله بما يحبه، وندب إليه، وحذر مما يبغضه وزجر عنه، بما هو أبلغ طرق الزجر والتحذير، وهو أنه لا يحب فاعله، ومن لم يحبه الله فأي خير يناله. (٥)

ففي الآية الكريمة أدبين من آداب الذكر والدعاء:


(١) ((ابن الجوزي: زاد المسير: ٢/ ٥١٤
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١١٨
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١١٩
(٤) ((الطبري: جامع البيان: ١٧/ ١٦
(٥) ((ابن القيم: تفسير القرآن الكريم: دار الهلال، بيروت، ط ١، ١٤١٠ هـ (٢٦٣)

<<  <   >  >>