للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا لايكون السجود إلا لله جل وعلا، ونقل السمعاني عن عكرمة في تفسير قوله تعالى: " وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ " (آل عمران ٦٤)،"أي: لايسجد بعضنا لبعض، فإن من سجد لغيره فقد اتخذه ربا" (١).

ولذا كان السجود من خصائص الإلهية، يقول المقريزي: "ومن خصائص الإلهية السجود، فمن سجد لغيره، فقد شبهه به" (٢)، ويقول الإمام محمد بن عبد الوهاب (٣): "والعبادة أنواع كثيرة، لكني أمثلها بأنواع كثيرة لاتُنكر: من ذلك السجود، فلا يجوز لعبد أن يضع وجهه على الأرض ساجداً، إلا لله وحده لاشريك له، لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي" (٤).

فالسجود بجميع أنواعه لايجوز إلا لله جل وعز، يقول الإمام ابن تيمية: أما السجود لغير الله وعبادته فهو محرم في الدين الذي اتفقت عليه رسل الله، كما قال سبحانه وتعالى:"وَسْ‍ئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ" (الزخرف ٤٥) (٥).

ويقول الإمام المقريزي: وأما السجود لغير الله فقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد إلا لله) (٦)، ولا ينبغي في كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -: إنما يستعمل للذي هو في غاية الامتناع" (٧).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٢٩
(٢) ((المقريزي: تجريد التوحيد المفيد:٢٧
(٣) ((محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي، (١١١٥ هـ-ت ١٢٠٦ هـ)، ولد ونشأ في العيينة بنجد، ورحل إلى الحجاز مرتين، وزار الشام، ودخل البصرة، وعاد إلى نجد، ثم انتقل للعيينة، ناهجا منهج السلف الصالح، داعيا إلى التوحيد الخالص، ونبذ البدع، وتحطيم ماعلق بالإسلام من أوهام، له مصنفات كثيرة: كتاب التوحيد، وكشف الشبهات، الزركلي: الأعلام:٦/ ٢٥٧
(٤) ((محمد بن عبد الوهاب: الجواهر المضيئة: دار العاصمة: الرياض، ط ١، ١٢٤٩ هـ، (١٧).
(٥) ((ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم: دار عالم الكتب، بيروت، ط ٧، ١٤١٩ هـ (١/ ٢٢١).
(٦) ((أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب الرضاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب ماجاء في حق الزوج على المرأة، ح (١١٥٩).
(٧) ((المقريزي" تجريد التوحيد المفيد:٢١

<<  <   >  >>