للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: أن السجود محمول على أصل اللغة، بمعنى الانقياد والخضوع، وضعّف هذا القول الإمام الرازي، قال عن هذا القول ضعيف؛ "لأن السجود لا شك أنه في عُرف الشرع عبارة عن وضع الجبهة على الأرض، فوجب أن يكون في أصل اللغة كذلك" (١).

وهذا الذي ذكره الرازي مما جرى فيه الخلاف: هل سجود الملائكة كان على صفة سجود الصلاة، أم هو مجرد انحناء وميل؟!

فقيل: إنه على صفة سجود الصلاة، ورجحه الإمام ابن الجوزي (٢).

وقيل: إنه الانحناء والميل المساوي للركوع.

وقيل: هو ماكان في أصل اللغة من التذلل والانقياد، بمعنى: اخضعوا لآدم، وأقروا له بالفضل (٣).

ثانياً: ما يتعلق بسجود إخوة يوسف ليوسف:

١: قال الإمام القرطبي: "وأجمع المفسرون أن السجود على أي وجه كان، فإنما كان تحية لاعبادة" (٤).

٢: اختلف المفسرون في مرجع الضمير في قوله تعالى:" وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا " فقيل: (له) يعود إلى الله جل وعلا، فيكون المعنى: وخروا لله سُجَّدا"أي: أنهم سجدوا شكرا لله، إذ جمعهم سويا. وهذا القول مروي عن ابن عباس.

وحكى هذا القول الإمام السمعاني فقال: "وقال بعضهم: أنهم سجدوا لله لا ليوسف، وإنما خروا له سجدا؛ لأنه كان قدامهم، فحصل سجودهم إليه، كما يسجد إلى المحراب والجدار" (٥). قال ابن عطية:" ورُدَّ على هذا القول" (٦).

وقال الشوكاني: "وهو بعيد جدا" (٧)، وقيل: (له) يعود إلى يوسف - عليه السلام - ورجحه الإمام السمعاني، واختلفوا في معناه على أقوال:


(١) ((الرازي: مرجع سابق
(٢) ((ابن الجوزي: زاد المسير:١/ ٥٤
(٣) ((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:١/ ٢٩٣
(٤) ((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:٩/ ٢٦٥، وحكاه الإمام ابن عطية في تفسيره: المحرر الوجيز:٣/ ٢٨١
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٦٧
(٦) ((ابن عطية: المحرر الوجيز:٣/ ٢٨١
(٧) ((الشوكاني: فتح القدير: دار ابن كثير، دمشق، ط ١، ١٤١٤ هـ (٣/ ٦٧)

<<  <   >  >>