للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-" يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ" (آل عمران ٤٣)، يقول السمعاني: " إنما قدم السجود على الركوع؛ لأنه كان كذلك في شريعتهم، وقيل: لا بل الركوع قبل السجود في جميع الشرائع، وليست الواو للترتيب بل للجمع ... ، أي واركعي واسجدي، وإنما قال للراكعين ولم يقل للراكعات؛ ليكون أعم وأشمل، وقيل معناه مع المصلين في الجماعة " (١).

-" وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ" (المرسلات ٤٨)، يقول السمعاني:"معناه: إذا قيل لهم صلوا لايصلون، وقيل: إنها نزلت في ثقيف استعفوا من الصلاة، وقيل: كانوا استعفوا من الركوع والسجود، فقال النبي: - صلى الله عليه وسلم - لاخير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود" (٢).

فالركوع عبادة عظيمة، فيها معنى الخضوع والذل: "وكانت العرب تسمي من آمن بالله تعالى ولم يعبد الأوثان راكعاً، ويقولون: ركع إلى الله، أي: اطمأن إليه خالصة" (٣).

ويقول الراغب الأصفهاني: "الركوع: الانحناء، فتارة يستعمل في الهيئة المخصوصة في الصلاة كما هي، وتارة في التواضع والتذلل، إما في العبادة، وإما في غيرها" (٤).

والخلاصة: أن السجود والركوع من أخص دلالات الخضوع، والتذلل، والتواضع لله جل وعلا، ولذا كانت الملائكة على ديمومة الركوع والسجود، كما جاء في الخبر عن النبي: - صلى الله عليه وسلم - (ليس موضع قدم في السماء إلا وفيه ملك قائم، أو راكع، أو ساجد) (٥) (٦).

وهذا يبين بجلاء اهتمام الإمام السمعاني بتتبع المسائل العقائدية، وقضايا التوحيد وبيانها، والرد على المخالفات التي تنتابها.


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن:١/ ٣١٨
(٢) ((أخرجه أحمد في المسند: مقدمة الرسالة، ط ١، ١٤٢١ هـ، ح (١٧٩١٣) وضع اسناده محققوا المسند (٢٩/ ٤٣٨)، وانظر السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ١٣٣
(٣) ((الزمخشري: أساس البلاغة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٩ هـ، (١/ ٣٨١)
(٤) ((الراغب: المفردات في غريب القرآن، دار القلم، دمشق، ط ١، ١٤١٢ هـ، (٣٦٤)
(٥) ((أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط ٢، ح (١٧٥١) (٢/ ١٨٤)
(٦) ((السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٤٢٠

<<  <   >  >>