للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣/ولأن الشرك تشبيه المخلوق بالخالق تعالى وتقدس في خصائص الإلهية، من ملك الضر والنفع، والعطاء والمنع الذي يوجب تعلق الدعاء، والخوف والرجاء، والتوكل، وأنواع العبادة كلها بالله وحده، فمن علق ذلك لمخلوق فقد شبهه بالخالق، وجعل من لايملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، فضلا عن غيره شبيها بمن له الخلق (١).

ولذا أمر الله جل وعز بتوحيده، ونهى عن الشرك، وبين خطورته وشدة جرمه، قال تعالى: ... " فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ" (الزمر ٢)، والإخلاص هو التوحيد (٢)، ثم قال:" أَلَا

لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ" (الزمر ٣)،"أي الدين الذي ليس فيه شرك هو لله، أي: واقع برضاه، وأما الدين الذي فيه شرك فليس لله، وإنما ذكر هذا؛ لأنه قد يوجد دين، ولا توحيد ولا إخلاص منه، ويقال: "أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ "، يعني هو ينبغي أن يوحد، ولا يشرك به سواه، وهذا لاينبغي لغيره " (٣).

وفي السابق كذا أمر الله نبيه إبراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام بتطهير بيته فقال:" أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ" (البقرة ١٢٥)، يقول السمعاني: " يعني من الشرك والأوثان " (٤)، وجعل الله جل وعلا النجاة لمن اتقى الشرك، قال تعالى:" وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ" (فصلت ١٨)، يقول السمعاني: "أي يتقون الشرك " (٥).

وخص الآخرة بمن اتقاه، قال تعالى:"وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ" (الزخرف ٣٥)،يقول السمعاني: "أي للمتقين من الشرك والمعاصي " (٦)، وقال تعالى:" مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ " (محمد ١٥)، يقول السمعاني: "ومعناه: وعد المتقون من الشرك " (٧).


(١) سليمان بن عبدالوهاب: تيسير العزيز الحميد:٨٨.
(٢) السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٤٥٧.
(٣) السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٤٥٧.
(٤) السمعاني: تفسير القرآن:١/ ١٣٨.
(٥) السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ٤٥.
(٦) السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ١٠٢.
(٧) السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ١٧٣.

<<  <   >  >>