للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هـ /وقد ذكر السمعاني الاعتقاد الفاسد الذي كان في الكواكب، عند تفسير قوله تعالى:" الْجَوَارِ الْكُنَّسِ" (التكوير ١٦)، فقال: "وهذه الكواكب هي التي يسميها المنجمون المُتحيرة، وقد تفردت، حيث تسير بخلاف سائر الكواكب؛ لأن سائر الكواكب تسير من المشرق إلى المغرب، وهي تسير من المغرب إلى المشرق، ويحيلون عليها الأفعال في العالم، ونحن نبرأ إلى الله تعالى من هذا الاعتقاد، ونحيل الجميع على الله تعالى، وإنما النجوم آيات، ودلائل، ومسخراتٍ خُلقت لمعاني ذكرناها من قبل" (١).

و/ اختلف العلماء في حكم تعلم التنجيم، وحكم المنجم؟

أما حكم التنجيم فهو على أقسام:

١ ـ ما هو كفر بإجماع المسلمين، وهو القول بأن الموجودات في العالم السفلي، مركبة على تأثير الكواكب والروحانيات، وأن الكواكب فاعلة مختارة، وهذا كفر بإجماع المسلمين، وهذا قول الصابئة المنجمين الذين بعث إليهم إبراهيم الخليل - عليه السلام - (٢).

وفيها يقول الإمام ابن تيمية: "صناعة محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل هي محرمة على جميع لسان جميع المرسلين في جميع الملل" (٣).

وهذا هو الذي أشار إليه الإمام السمعاني وتبرأ منه كما في النقل السابق، وقال في موطن آخر، "وقد ورد في الأخبار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النظر في النجوم، والمعنى هو النظر فيها للقول بالغيب عنها" (٤).

٢ ـ الاستدلال على الحوادث الأرضية بمسيرة الكواكب واجتماعها وافتراقها ونحو ذلك، ويقول: إن ذلك بتقدير الله ومشيئته، فلا ريب في تحريم ذلك (٥).

واختلف العلماء في تكفير القائل بذلك على قولين:

الأول: أنه كافر؛ لأنه ادعى علم شيء استأثر الله تعالى بعلمه، وكفره القرطبي (٦).


(١) السمعاني: تفسير القرآن:٦/ ١٦٩.
(٢) سليمان بن عبدالوهاب: تيسير العزيز الحميد:٣٧٨.
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى:٣٥/ ١٩٢.
(٤) السمعاني: تفسير القرآن:٦/ ٧٤.
(٥) سليمان بن عبدالوهاب: تيسير العزيز الحميد:٣٧٩، وانظر الأدلة مستفيضة في تحريم ذلك من كتاب المشعبي: التنجيم والمنجمون، مكتبة الصديق- الطائف، ط ١، ١٤١٤ هـ (٢٥٩ ومابعده).
(٦) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:١٩/ ٢٨.

<<  <   >  >>