للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختلفت التعبيرات لهذا القول، فبعضهم يقول: الاسم للمسمى، وقال بعضهم. هو صفة للمسمى، وقال بعضهم: علم للمسمى، والجميع واحد (١). ولذا أضاف الله تعالى الأسماء إليه بلام الاستحقاق، فقال: " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى"، والشيء لا يضاف إلى نفسه (٢). فالاسم للمسمى معلوم بأنه دليل وعلم عليه، لكن لا يُطلق القول بأن الاسم هو عين المسمى أو غيره، وإنما يستفصل منه، وهذا هو منشأ الخطأ والغلط، يقول ابن القيم: " منشأ الغلط في هذا الباب، من اطلاق ألفاظ مجملة، محتملة لمعنيين، صحيح وباطل، فلا ينفصل النزاع إلا بتفصيل تلك المعاني، وتنزيل ألفاظها عليها " (٣)، فإذا قيل: أهو المسمى أم غيره فصلوا، فيقال:"الاسم يراد به المسمى تارة، ويراد به اللفظ الدال عليه تارة أخرى، فإذا قلت: قال الله كذا، أو سمع الله لمن حمده، ونحو ذلك، فهذا المراد به المسمى نفسه، وإذا قلت: الله، اسم عربي، والرحمن، اسم عربي، والرحمن من أسماء الله تعالى، ونحو ذلك، فالاسم هنا للمسمى، ولا يُقال غيره، لما في لفظ الغير من الإجمال، فإذا أريد بالمغايرة، أن اللفظ غير المعنى فحق، وإن أريد أن الله سبحانه، كان ولا اسم له، حتى خلق لنفسه أسماء، أو حتى سماه خلقه بأسماء من صنعهم، فهذا من أعظم الضلال، والإلحاد في أسماء الله تعالى " (٤)، وكذا لما كان قول بعضهم: الاسم هو المسمى، يحتمل حقاً وباطلاً، كان لابُدَّ من الاستفصال، فإن أراد بالاسم الذات، وأراد أن ألفاظ أسماء الله مخلوقة، فهذا معنى باطل، وإن أراد أن الاسم غير المسمى، بمعنى الاسم لا ينفك عن المسمى، ولم يقل بخلق أسماء الله، فهو كلام حق.


(١) يحيى العمراني: الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار: أضواء السلف، الرياض، ط ١، ١٤١٩ هـ، (٢/ ٦٠٣)
(٢) يحيى العمراني: الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار: ٢/ ٦٠٤
(٣) ابن القيم: بدائع الفوائد: ١٧
(٤) ابن أبي العز: شرح الطحاوية: ١٣١، ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٦/ ٢٠٧، ابن القيم: بدائع الفوائد: ١/ ١٧

<<  <   >  >>