للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر:٣]، هنا استفهام على وجه التقرير، كأنه قال: لا خالق غير الله (١). وهذا لا يُعارِض:

ـ الجمع في قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤)} [المؤمنون:١٤]، وقوله تعالى: {وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (١٢٥)} [الصافات:١٢٥].

ـ أو إضافة الخلق لغيره، كما في قوله تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت:١٧]؛ لأن المعنى فيها التقدير، فقد ورد الخلق بمعنى التقدير، أي: تقدرون إفكاً، قال الشاعر:

(ولأنت تفري وما خلقت وبعض ... القوم يخلق ثم لا يفري) أي: يقدر.

فيكون المعنى على الأول: أحسن المقدرين، ويُقال: إن معناه: يصنعون وأصنع، وأنا أحسن الصانعين. (٢)

ب ـ البارئ:

قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ} [الحشر:٢٤]:

قيل: البارئ هو في معنى الخالق، على طريق التأكيد.

وقيل: إن معناه: المحيي بعد الإماتة. (٣)

وقد فَسَّره السمعاني بالخالق في مواطن أخرى، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [البقرة:٥٤]، قال: بارئكم: خالقكم. (٤)

وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد:٢٢]، يقول السمعاني: " مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا " أي: من قبل أن نخلقها. (٥)

قال الحليمي: " البارئ الموجد لأصناف الخلائق ". (٦)


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٣٤٥
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٤٦٧ - ٤/ ٤١٨
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٤١٠
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٨٠
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٣٧٦
(٦) ((الحليمي: مختصر كتاب المنهاج: ٣٧

<<  <   >  >>