للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن الأثير: " المصوِّر: هو الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة، ومعنى التصوير: التخطيط والتشكيل " (١)، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران:٦]، " روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " إن النطفة إذا وقعت في الرحم، تكون أربعين يوماً نطفة، ثم أربعين يوماً علقة، ثم أربعين يوماً مضغة، ثم يبعث الله تعالى ملكاً، يأخذ تراباً بين أصبعيه، فيخلطه بالمضغة، ثم يصوره ـ بإذن الله ـ كيف شاء، أحمر، أو أسود، أو أبيض، طويلاً، أو قصيراً، حسناً، أو قبيحاً ... " (٢)، وقال تعالى: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر:٦٤]، " في التفسير: أنه لا يأكل بيده سوى الآدميين، ولا صورة على هذه الصورة، أحسن من الآدميين " (٣)، وقال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [التغابن:٣]، أي: خلق الإنسان في أحسن صورة، ولو عرض الله عليه الصور، ما اختار غير صورته. (٤)

وقال بعض المفسرين في هذه الأسماء الثلاثة، هي من قبيل الترتيب المخصوص، فيقدم العام على الخاص، " فالخالق يعم، وذكر المصور؛ لما في ذلك من التنبيه على الصفة، ووجوه الحكمة ". (٥)

يقول القرطبي: " الخالق هنا المقدر، والبارئ: المنشئ المخترع، والمصور: مُصوِّر الصُّور، ومركبها على هيئات مختلفة، فالتصوير مرتب على الخلق والبراية، وتابع لهما، ومعنى التصوير: التخطيط والتشكيل. وخلق الله الإنسان في أرحام الأمهات ثلاث خِلَق: جعله علقة، ثم مضغة، ثم جعله صورة، وهو التشكيل الذي يكون به صورة وهيئة، يُعرف بها، ويتميز عن غيره بسمتها، فتبارك الله أحسن الخالقين". (٦)


(١) ((ابن الأثير: جامع الأصول: ٤/ ١٧٣
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٢٩٣
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٩
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٤٥٠
(٥) ((ابن عطية: المحرر الوجيز: ١/ ٧٠
(٦) ((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ١٨/ ٤٨

<<  <   >  >>