للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب الثاني: أن الآية على التقديم والتأخير، ومعناها: وقال الله: لا تتخذوا إلهين اثنين، إنما هو إله واحد ". (١)

وهل اسم الله الواحد بمعنى الأحد، أم بينهما فرق؟! قولان:

الأول: أن الأحد بمعنى الواحد، قال السمعاني: " وأكثر المفسرين أنه (الأحد) بمعنى الواحد ". (٢)

الثاني: بينهما فرق: فقيل: إن الأحد أبلغ من الواحد، يُقال: فلان لا يقاومه أحد، نفياً للكل، ويُقال: لا يقاومه واحد، ويجوز أن يقاومه اثنان. وأيضاً فإن الواحد، يكون الذي يليه الثاني، والثالث، في العدد، والأحد لا يكون بمعنى هذا الحال. (٣)

ورجح البغوي الأول، وقال: " ولا فرق بين الواحد والأحد، يدل عليه قراءة ابن مسعود: " قل هو الله الواحد " (٤)، ولذا قال الخليل: يجوز أن يُقال: أحد، اثنان، وأصل أحد، وحد، إلا أنه قُلبت الواو همزة؛ للتخفيف، وأكثر ما يفعلون هذا بالواو المضمومة، والمكسورة. (٥)

وذهب الأزهري إلى التفريق، وقال: لا يوصف شيء بالأحدية، غير الله تعالى، فلا يُقال: رجل أحد، ولا درهم أحد، كما يُقال: رجل واحد، أي فرد، بل أحد صفة من صفات الله تعالى، استأثر بها، فلا يشركه فيها شيء (٦). قال ابن الأثير: " فالواحد منفرد بالذات، والأحد منفرد بالمعنى " (٧).

ومن الفروقات بينهما:

١ ـ ما ذكره السمعاني سابقاً.

٢ ـ أن الواحد يدخل في الأحد، والأحد لا يدخل فيه.

٣ ـ أن الواحد يُستعمل في الإثبات، والأحد في النفي، تقول في الإثبات: رأيت رجلاً واحداً، وتقول في النفي: ما رأيت أحداً، فيفيد العموم. (٨)

فالله الأحد، أي: الواحد الوتر، الذي لا شبيه له، ولا نظير، ولا صاحبه، ولا ولد، ولا شريك. (٩)


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٣٠٣
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٣٠٣
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٣٠٣
(٤) ((البغوي: معالم التنزيل: ٥/ ٣٣٠
(٥) ((الرازي: مفاتيح الغيب: ٣٢/ ٣٦٠
(٦) ((الأزهري: تهذيب اللغة: ٥/ ١٢٧
(٧) ((ابن الأثير: جامع الأصول: ٤/ ١٧٣
(٨) ((الرازي: مفاتيح الغيب: ٣٢/ ٣٦٠
(٩) ((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ٢٠/ ٢٤٤

<<  <   >  >>