للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر الإمام ابن حزم مسألة المائية وفصَّل فيها، فقال: " ذهب طوائف من المعتزلة إلى أن الله تعالى لا مائية له، وذهب أهل السنة، وضرار بن عمرو إلى أن الله تعالى مائية " (١). وقال التفتازاني: " وهذا البحث عند المتكلمين يُعرف بمسألة المائية، ويُنسب القول بها إلى ضرار، حيث قال: إن لله تعالى مائية لا يعلمها إلا هو، ولو رؤي لرؤي عليها، وفي قدرة الله تعالى أن يخلق في الخلق حاسة سادسة، بها يُدركون تلك المائية والخاصية، وحين رُوي ذلك عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنكر أصحابه هذه الرواية أشد إنكار؛ وذلك لأن المائية عبارة عن المجانسة، حيث يُقال: ماهو، بمعنى: أي جنس هو من أجناس الأشياء، والله تعالى منزه عن الجنس؛ لأن كل ذي جنس مماثل لجنسه، ولما تحته من الأنواع والأفراد، فالقول به تشبيه " (٢).

وذهب الإمام ابن تيمية إلى أن القول بأن المائية تقتضي الجنس، بمعنى أن يكون له ما يجانسه، أي يماثله في حقيقته، إلى أن الأمر ليس كذلك، يقول: " فإن من أثبت له مائية، وهي الحقيقة التي تخصه، ويمتاز لها عن غيره، لم يلزمه أن تكون تلك المائية من جنس المائيات، كما أن الذين يطلقون عليه اسم الذات، لا يلزمهم أن تكون ذاته من جنس سائر الذوات، وإن فُسِّر ذلك بثبوت قدر ما يتفقان فيه، فهذا لا بد منه على كل تقدير. ولفظ الجنس فيه عدة اصطلاحات، فإن فُسِّر بما يوجب مثلاً لله، فهو منتف عنه، وإن فُسِّر بالحد اللغوي الذي هو مدلول الأسماء المتواطئة والمشككة، كما في اسم الحي، والعليم، والقدير، ونحو ذلك من الأسماء، فهذا لا بُدَّ منه باتفاق أهل الإثبات " (٣).


(١) ((ابن حزم: الفِصل في الملل والأهواء والنحل: ٢/ ١٣٢
(٢) ((التفتازاني: شرح المقاصد في علم الكلام: ٢/ ١٢٤
(٣) ((ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٣٨٧

<<  <   >  >>