للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي اتحاف الجماعة معلقا على كلام ابن القيم: "وقد تقدم حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: (يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فلا يبقى خلق في السماوات والأرض إلا مات، إلا من شاء ربك)، رواه الطبراني والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه، وله حكم المرفوع؛ لأن مثله لايقال من قبل الرأي، إنما يُقال عن توقيف. وهذا الحديث يؤيد ماجاء في حديث أبي رزين، وحديث اسماعيل بن رافع، من النص على موت الملائكة إذا نفخ في الصور، والله أعلم" (١).وروي عن مقاتل مثل هذا القول (٢).

ويقول السيوطي: "سُئلت هل تموت الملائكة بنفخة الصور، ويحيون بنفخة البعث؟ والجواب: نعم" (٣).

وهل في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أنت الحي الذي لايموت والجن والإنس يموتون)، دلالة على عدم موت الملائكة؟! لايلزم ولا حجة فيه؛ لأنه مفهوم لقب، ولاعبرة به، وعلى تقديره فيعارضه ماهو أقوى منه، وهو عموم قوله تعالى:" كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ" مع أنه لامانع من دخولهم في مسمى الجن، بجامع مابينهم من الاجتنان عن عيون الناس (٤).

وذهب ابن حزم إلى إنكار موت الملائكة، وعلل ذلك: بعدم وجود نص في المسألة، ولا إجماع (٥). نقول: أما الإجماع فقد حكاه الإمام ابن تيمية (٦)، وأما النص فقد ورد في السنة مايدل عليه، ففي حديث لقيط بن عامر مطولا وفيه: (يلبثون مالبثتم ثم تبعث الصائحة، فلعمر إلهك، ماتدع على ظهرها من أحد إلا مات، حتى الملائكة الذين مع ربك) (٧).


(١) حمود التويجري: إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة: دار الصميعي، الرياض: ط ٢،١٤١٤ هـ (٣/ ٢٩٨)
(٢) مقاتل: تفسير مقاتل:٣/ ٦٨٧
(٣) السيوطي: الحبائك في أخبار الملائك: ٢٧٢
(٤) المناوي: فيض القدير:٢/ ١٣١
(٥) ابن حزم: الفِصل: ٤/ ٢١
(٦) ابن تيمية: مجموع الفتاوى:٤/ ٢٥٩
(٧) أخرجه أحمد في المسند، ح (٦ - ١٦٢)

<<  <   >  >>