للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال الطبري: "وقد يحتمل أن ماقاله علي بن أبي طالب، وابن عباس ومجاهد بمعنى واحد، وذلك أن تكون المخاريق التي ذكر على أنها البرق: هي السياط التي هي من نور التي يزجي بها الملك السحاب كما قال ابن عباس، ويكون إزجاء الملك بها السحاب قَصْعَه إياه، وذلك أن المِصَاع عند العرب أصله: المجالدة بالسيوف، ثم تستعمله في كل شيء جُولد به، في حرب وفي غير حرب" (١).

وهكذا نجد أن السمعاني رحمه الله في باب الإيمان بالملائكة عليهم السلام، خط فيه منهج السلف بعيدا عن كلام الفلاسفة الذين يقولون بالعقول المجردة، وأنها أرواح لا أشخاص، ليس لهم حركات ولا أعمال البتة، فليست هناك ذات منفصلة تصعد وتنزل، وتذهب وتجيء، وترى وتخاطب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هي مجرد أمور ذهنية لا وجود لها في الأعيان (٢)، وبعضهم يقول: هي القوى الخيرة الفاضلة التي في العبد (٣)، وهذه انحرافات عن المنهج الحق.

فالسمعاني ذكر أوصاف الملائكة، وأعمالهم، وحركاتهم، وعباداتهم، فهذا كله يدل على أنها أجسام "وكِلوا بأمور، عرفهم الله عزوجل العمل بها" (٤).

يقول الله جل وعلا:" مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ" [الحجر:٨]، يقول السمعاني: "الحق الذي تنزل به الملائكة هو الوحي، وقبض أرواح العباد، وإهلاك الكفار، وكتبة الأعمال، وما أشبه ذلك" (٥).


(١) الطبري: جامع البيان: ١/ ٣٤٢ - ٣٤٥
(٢) ابن ابي العز: شرح الطحاوية:٢٧٧
(٣) ابن القيم: إغاثة اللهفان: مكتبة المعارف- الرياض، (٢/ ٢٦١)
(٤) البغوي: معالم التنزيل:٥/ ٢٠٥
(٥) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ١٣٠

<<  <   >  >>